نام کتاب : مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 155
احتياطات تضع مؤسساتها بنجوةٍ من ضربة ينزلها بها قادتها المنتصرون.
فهؤلاء حين عودتهم من ساحة المعركة لا يحق لهم تجاوز نهو (الروبيكون Rubicon) [1] دون إذنٍ من مجلس الشيوخ.
وعلى الرغم من تلك الإجراءات الوقائية فقد قضي على جمهوريتها في اليوم الذي عبر فيه (يوليوس قيصر) نهر (الروبيكون) ودخل (روما)، دون إذنٍ من (كاتون) [2] وأعضاء مجلسه.
ويمكن لنا أن نقدّم افتراضاتٍ عدة لتفسير هذا الحدث من وجهة النظر الاجتماعية. فهناك مؤسساتٌ تشيخ وتموت ميتة طبيعية. فلو لم يُلْغَ الرق على يد رجال القرن التاسع عشر لقتلته آلات القرن العشرين. ومن الجدير بالذكر أن نلاحظ بأن تلك النهاية قد حدثت في مجال الأفكار قبل أن تحدث في مجال الأشياء. فهناك إذن قرينة يمكن إجمالها بما يلي: إن المؤسسات التي لا تجد سندها في الأفكار تبدو محكوماً عليها بالفناء.
هذا ليس برهاناً بل هو مجرد قرينةٍ تفتح الباب للبحث والتقصي. فهناك مؤسسات كالزواج لا تشيخ أبداً. فإذا أُلغي الزواج في مجتمع من المجتمعات، فهذا [1] (الروبيكون Rubicon) نهر يقع شمال إيطاليا. كان يُحظَّر في عهد الرومان على أي قائدٍ أن يجتازه بسلاحه دون أمرٍ من مجلس الشيوخ. وفي سنة (50 ق. م) - خرق (يوليس قيصر) هذا القانون، وعبر (الروبيكون) وسار إلى روما على رأس جيشه، معلناً بذلك الحرب الأهلية ضدّ (بومباي Pompée) تلك الحرب التي دامت أربع سنوات وانتهت بانتصاره وتنصيبه سيّد الإمبراطورية. [2] (كاتون Caton) رجل سياسة روماني (93 - 46 ق. م) كان من كبار المدافعين عن (الجمهورية). وقف ضدّ (يوليس قيصر)، وساند (بومباي) في حربه ضدّ هذا الأخير. انتحر سنة (46 ق. م). عندما علم أن النظام الجمهوري في روما انتهى بانتصار (يوليس قيصر).
نام کتاب : مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 155