نام کتاب : فكرة الإفريقية الآسيوية نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 98
الأفرسيوي بلا جدال الصفحة الأولى في تاريخ حضارة جديدة، إذ كان قبل كل شيء لحظة تفكير في مشكلة (البقاء) وخطوة أولى في طريق الحل.
ثم إنه كان في مظهره الآخر أحد فصول الحرب الباردة، وحدثاً يؤثر على ميزان (استراتيجية التطويق) وعلى نظريات هيئات أركان الحرب فيمكن القول بأنه سجل في مغزى زمننا لحظة نفسية هامة في الحوار الدائر بين القوة والبقاء. وأياً ما كان المظهر الذي نتصور تحته أهمية مؤتمر باندونج؛ فإن هذه الأهمية
لا تنتج عن كمية وطبيعة المشكلات التي عولجت فعلاً خلال مناقشاته بل إنها تصدر عن كمية من المشكلات الأخرى التي نحيت بقصد أو عن غير قصد من هذه المناقشات، ولكنها ظلت في حيز القوة في التطور الاجتماعي والاستراتيجي الناتج عنه في الحالة العالمية، أي إنها ظلت كاحتمالات وعبارات مؤجلة في الحوار الناشب بين المحورين.
فهناك إذن ناحية مفاجئة في هذا التطور قد يحدث توقعها بعض القلق في العقول التي تعودت التعبير عن الواقع الإنساني بالأرقام. ولعل هذا القلق هو الذي بدأ في كلام مستر دلاس؛ عندما أعلن قبل انعقاد المؤتمر بأيام لبعض مندوبي الصحف تصريحاً عن باندونج قال فيه:
((إن أهداف هذا المؤتمر تبدو- له- مختلطة وغامضة)).
والواقع أن هذا التصريح يترجم عن إدراكه المشوب ببعض الحيرة والارتباك لتحوُّل عدد من عناصر (القوة)، إلى عناصر (عدم عنف) أكثر من أن يترجم عن سفسطة رجل مثل (دلاس). فالقوى التي يمثلها مؤتمر باندونج تكون فعلاً- في نظره- رصيداً له وزنه وتأتيره في مفهوم الاستراتيجية في العالم.
إن هذه القوى التي كانت بسبب هذا المفهوم في رصيد الحرب الباردة أي متجهة إلى أن تعمل بصورة أو بأخرى كعوامل (قوة) قد تحول خط نشاطها واستقر بصورة ما على محور (عدم العنف)، بوساطة مؤتمر باندونغ.
نام کتاب : فكرة الإفريقية الآسيوية نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 98