وكانت النساء مع جهد الخدمة، والسقاية، ومداواة الجرحى، يقمن بالقتال من وراء الرجال إذا اشتدت الحاجة لذلك، كما روى عن أم سعد بنت سعد بن الربيع (رضى الله عنها) كانت تقول: دخلت على أم عمارة [1] (رضى الله عنها) فقلت لها: يا خالة! أخبريني خبرك؟ فقالت: خرجت أول النهار أنظر ما يصنع الناس، ومعي سقاء فيه ماء، فانتهيت إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو فى أصحابه والدولة والريح للمسلمين، فلما انهزم المسلمون، انحزت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقمت أباشر القتال وأذب عنه بالسيف، وأرمى عنه القوس حتى خلصت الجراح إلىَّ، قالت: فرأيت على عاتقها جرحاً أجوف له غور، فقلت لها من أصابك بهذا؟ قالت: ابن قمئة، أقمأه الله! لما ولى الناس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقبل يقول: دلوني على محمد، لا نجوت إن نجا، فاعترضت له أنا ومصعب بن عمير - رضي الله عنه - وأناس ممن ثبت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضربني هذه الضربة، ولقد ضربته على ذلك ضربات، ولكن عدو الله كان عليه درعان. كذا في البداية [2].
وتقول: لقد رأيتني وقد انكشف الناس عن رسول الله وما بقي إلا نفر يتمون عشرة وأنا وابناي وزوجي بين يديه نذب عنه والناس يمرون به منهزمين ورآني لا ترس معي فرآى رجلاً مولياً معه ترس. فقال لصاحب الترس: ألقي ترسك لمن يقاتل، فألقى ترسه فأخذته فجعلت أتترس به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل رجل على فرس فضربني فتترست له فلم يصنع سيفه شيئاً فولى فأضرب عرقوب فرسه فوقع على ظهره فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصيح: يا أم عمارة أمامك قالت: فعاونني عليه حتى أوردته شعوب المنية. [1] نسيبة بنت كعب. [2] حياة الصحابة - باب الجهاد - قتال النساء فى الجهاد 1/ 579.