فكيف إذا أضيف إلى ذلك أن الشيخ لم يكن آنئذ قد تجاوز العشرين من العمر، ولا جرم أن هذا الجهد الجبار في تأليف تلك المجلدات، مع الاستعانة بكل وسائل التحقيق المتيسرة للفتى أيامئذ، كان ذا أثر كبير في تمرسه بهذا الضرب من العمل العلمي، فهو وإن كان لا يستحوذ على رضاه بصورة تامة، قد شق له الطريق إلى تقدم أعلى في هذا المضمار.
ومن خلال هذه الحياة، وتلك النشأة، وهاتيك الملابسات، يتراءى لي أن ثمة عوامل خفية كانت دائبة على توجيه الفتى في ذلك الطريق، لتجعل منه في النهاية واحدًا من كبار خَدَمَةِ السنة المطهرة في ديار الشام" [1].
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم الشيباني -حَفَظهُ الله-:
الألباني ومدرسة محمد رشيد رضا
"السيد محمد رشيد رضا -رحمه الله- له فضل كبير على العالم الإسلامي، بصورة عامة، وعلى السلفيين منهم، بصورة خاصة، ويعود ذلك إلى كونه من الدعاة النادرين الذين نشروا المنهج السلفي في سائر أنحاء العالم بوساطة مجلته "المنار"، وقد جاهد في سبيل ذلك جهادًا يشكر عليه، ويرجى أن يكون أجره مدخرًا له عند ربه، بالإضافة إلى كونه داعية إلى اتباع منهج السلف الصالح فيما كانوا عليه من عقيدة وفكر وسلوك، فقد كانت له عناية تشكر، بالأحاديث
(1) "علماء ومفكرون عرفتهم" (1/ 282، 281).