تدليس رخيص
لقد بلغ التدليس ببعض المشنعين إلى حد أنهم نسبوا الوهابية إلى دعوة خارجية إباضية في شمال أفريقية، دُفن خبرها في سجل التاريخ، وكانت قد نبغت في القرن الثاني الهجري، وعرفت باسم "الوهابية" نسبة إلى عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم الخارجي الإباضي، الذي عطل الشرائع الإسلامية، وألغى الحج، وحصل بينه وبين معارضيه حروب، وقد توفي سنة (190 هـ) أو (197 هـ) بمدينة تاهرت بالشمال الأفريقي، وكان الونشريسي المتوفي في (914 هـ) بفاس بالمغرب قد ذكر في كتابه "المعيار" (11/ 168) أن اللخمي (ت 478 هـ) سئل عن أهل بلد بني عندهم الوهابيون مسجدًا، ما حكم الصلاة فيه؟
فأجاب: "هذه فرقة خارجية ضالة كافرة، قطع الله دابرها من الأرض، يجب هدم المسجد، وإبعادهم عن ديار المسلمين" [1] اهـ.
فطار المدلِّسون بهذا فرحًا، ونشروا تلك الفتوى ونظائرها، مع أن بين وفاة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب (ت 1206 هـ) -رحمه الله تعالى- وبين وفاة عبد الوهاب بن رستم أكثر من ألف سنة، وبينه وبين اللخمي (728) سنة، وبينه وبين الونشريسي (292) سنة، ومع ذلك طوعت لهم أنفسهم أن يشنعوا على دعوة شيخ الإسلام بهذا الأسلوب الظالم [2]. [1] انظر: "تصحيح خطأ تاريخي حول الوهابية" للدكتور محمد بن سعد الشويعر -حفَظه الله-. [2] ويشبه هذا ما قاله "زويمر" كبير المنصِّرين: "إن ابن القيم تُشَبَّهُ أفكاره وآراؤه بآراء الوهابيين"، =