نام کتاب : تهافت العلمانية في الصحافة العربية نویسنده : البهنساوي، سالم علي جلد : 1 صفحه : 94
من هنا نشأ الاضطراب والقلق في طروحاتهم الفكرية، بل في مسلكهم الحياتي. الأمثلة كثيرة على هذا الانفصام والاضطراب، وترانا هنا نقدم أحدثها وليس آخرها بالطبع:
تقدم إحدى المجلات العربية المتخصصة أحد العلمانيين على هذا النحو: «برغم الفترة الطويلة التي قضاها هشام شرابي في الولايات المتحدة الأمريكية كطالب في البداية، ثم كأستاذ تاريخ في جامعة جورج واشنطن، فإنه لم ينقطع أبدًا عن جذوره ...».
لا بأس، فالتقديم ينطوي على إطراء جميل، ولكن عزله عن سياق حديث هشام شرابي نفسه فيه ظلم للقارئ وتعمية للحقيقة، فلنقرأ إذن ما قاله الدكتور شرابي جوابًا على سؤال: هل هناك أمل في نهضة ثقافية وفكرية عربية؟. يقول الدكتور مجيبًا: «إن الانتقال إلى مرحلة جديدة قد يتم إذا تبلورت الرؤيا العلمانية التقدمية الحديثة، وإذا تمكن الجيل الطالع من رفض هيمنة " المخيال الديني الرجعي، وتجاوز قيم الثقافة البطركية أهدافها».
ويضيف متابعًا: «وإن فشل عن ذلك، فليس لهذا المجتمع من مستقبل إلا الفوضى وهيمنة الرجعية».
وتقع مسؤولية المثقفين التقدميين العلمانيين في رأي الدكتور شرابي، في وضع فكر نقدي جديد يفكك المفاهيم البطركية السائدة، ويمهد الطريق لنشوء رؤيا اجتماعية جديدة تمكن الجيل الطالع من هدم البنية البطركية القائمة، وتجاوزها وإقامة بنية علمانية حديثة مكانها».
مع هذا الحديث يكون شرابي قد انقطع عن جذوره حتمًا. وإلا بات ضروريًا أن نبحث في جذور تراثنا عن هذه (العلمانية) التي من أهدافها نسف (المخيال الديني الرجعي).
ولكن (العلمانية) التى يدعو لها ويتبناها شرابي هي في الحقيقة إفراز للثقافة الغربية .. سنلمس مَعًا هذا الخلط والاضطراب الذي يعيشه العلمانيون في جواب شرابي على سؤال حول التأثر السلبي للثقافة الغربية على الثقافة العربية.
«... بالتأكيد، كان هذا التأثير سلبيًا، فقد خلق ثقافة ممسوخة، لا أصالة فيها،
نام کتاب : تهافت العلمانية في الصحافة العربية نویسنده : البهنساوي، سالم علي جلد : 1 صفحه : 94