نام کتاب : تبصير المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 61
إن الله تعالى من سننه الجارية في الأمم والشعوب والمجتمعات والدول إذا أراد شيئًا هيأ له أسبابه, وأتى به شيئًا فشيئًا بالتدرج لا دفعة واحدة، فعندما وصل الظلم إلى أقصى منتهاه، ووصل الاستضعاف إلى أسفل نقطة ممكنة، كانت تلك النقطة بداية التمكين لبنى إسرائيل، وبدأت قصة التمكين وإنفاذ مشيئة الله عَزَّ وَجَلَّ بالاهتمام بالرضيع في قوله تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلاَ تَخَافِي وَلاَ تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 7].
ويظهر من خلال الآيات الكريمة: أن الله عزَّ وَجَلَّ أوحى إلى أم موسى بأن ترضعه فإذا خافت عليه، فعليها أن ترميه في اليم، فالله عَزَّ وَجَلَّ لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وعلى أهل الحق أن يبذلوا جهدهم، وهو إن كان قليلاً فإن الله عَزَّ وَجَلَّ سوف يبارك فيه، وسوف يهيئ من الأسباب التي يمكن بها لدينه وأهله.
إن سنن الله الكونية نافذة وعلى أهل الإيمان ألا يتأخروا في الأخذ بالأسباب المتاحة، فهذا مبلغ جهد أم موسى في حماية موسى الرضيع، والذي تولى حمايته ونصره في الحقيقة هو الله عَزَّ وَجَلَّ ذو الجلال والإكرام، وكان يمكن أن تحصل الحماية والرعاية دون أسباب؛ ولكن الله من سنته إذا أراد شيئًا هيأ له أسبابه، فألقى الله في قلب امرأة فرعون محبة موسى وكان سببًا في نجاته من الذبح، لقد مكن الله تعالى حب موسى عليه السلام من قلب زوجة فرعون وأعطاها من القدرة على الجدل والنقاش بحيث أقنعت
فرعون بتركه لها.
ونرى في الآيات الكريمة لطف الله بأم موسى بذلك الإلهام الذي به سلم ابنها، ثم بتلك البشارة من الله لها برده إليها، التي لولاها لقضى عليها الحزن بسبب ولدها، وبذلك وغيره نعلم أن ألطاف الله على أوليائه لا تتصورها العقول، ولا تعبر عنها العبارات، وتأمل موقع هذه البشارة وإنه أتاها ابنها ترضعه جهرًا، وتسمى أمه شرعًا وقدرًا وبذلك اطمأن قلبها وازداد إيمانها [1]. [1] انظر: تفسير السعدي (8/ 366).
نام کتاب : تبصير المؤمنين بفقه النصر والتمكين في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 61