responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 119
نساءهم، ويسومهم سوء العذاب والنكال. وهو مع ذلك يحذرهم ويخافهم على نفسه وملكه فيبث عليهم العيون والأرصاد، ويتعقب نسلهم من الذكور فيسلمهم إلى الشفار كالجزار!
هؤلاء المستضعفون يريد الله أن يمن عليهم بهباته من غير تحديد وأن يجعلهم أئمة وقادة لا عبيدا ولا تابعين وأن يورثهم الأرض المباركة (التي أعطاهم إياها عندما استحقوها بعد ذلك بالإيمان والصلاح) وأن يمكن لهم فيها فيجعلهم أقوياء راسخي الأقدام مطمئنين. وأن يحقق ما يحذره فرعون وهامان وجنودهما، وما يتخذون الحيطة دونه، وهم لا يشعرون!
هكذا يعلن السياق قبل أن يأخذ في عرض القصة ذاتها. يعلن واقع الحال، وما هو مقدر في المآل. ليقف القوتين وجها لوجه: قوة فرعون المنتفشة المنتفخة التي تبدو للناس قادرة على الكثير. وقوة الله الحقيقة الهائلة التي تتهاوى دونها القوى الظاهرية الهزيلة التي ترهب الناس! (الظلال)
فالواو في {وَيُذَبِّحُونَ} [إبراهيم: 6] لم ترد في الكلام على لسان الله تعالى، إنما وردتْ في كلام موسى؛ لأنه في موقف تَعداد نِعَم الله على قومه وقصده؛ لأن يُضخِّم نعم الله عليهم ويُذكِّرهم بكل النعم، فعطف على {يَسُومُونَكُمْ سواء العذاب} [إبراهيم: 6] قوله {وَيُذَبِّحُونَ} [إبراهيم: 6].
لكن حين يتكَلَّم الله تعالى فلا يمتنُّ إلا بالشيء الأصيل، وهو قتْل الأولاد واستحياء النساء؛ لأن الحق تبارك وتعالى لا يمتنّ بالصغيرة، إنما يمتنُّ بالشيء العظيم، فتذبيح الأبناء واستحياء النساء هو نفسه سوء العذاب.
وقوله مرة {يُذَبِّحُونَ} [البقرة: 49] ومرة {يُقَتِّلُونَ} [الأعراف: 141] لأن قتل الذّكْران أخذ أكثر من صورة، فمرَّة يُذبِّحونهم ومرة يخنقونهم.
ومعنى: {يَسُومُونَكُمْ} [الأعراف: 141] من السَّوْم، وهو أنْ تطلب الماشية المرعى، فنتركها تطلبه في الخلاء، وتلتقط رزقها بنفسها لا نقدمه نحن لها، وتسمى هذه سائمة، أما التي نربطها ونُقدِّم لها غذاءها فلا تُسمَّى سائمة.
فالمعنى {يَسُومُونَكُمْ سواء العذاب} [الاعراف: 141] يعني: يطلبون لكم سوء العذاب، وما داموا كذلك فلا بُدَّ أنْ يتفنَّنوا لكم فيه.
فلن يدوم لفرعون هذا الظلم؛ لأن الله تعالى كتب ألاّ يفلح ظَلُوم، وألاَّ يموت ظلوم، حتى ينتقم للمظلوم منه، ويُريه فيه عاقبة ظلمه، حتى إن المظلوم ربما رحم الظالم، وحَسْبك من حادث بامراء ترى حاسديه بالأمس، راحمين له اليوم.
وهنا تُطالعنا غضبة الحق تبارك وتعالى للمؤمنين {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الذين استضعفوا فِي الأرض} [القصص: 5] والمنة: عطاء مُعوّض، وبدون مجهود من معطي المنة، كأنها هِبَة من الحق سبحانه، وغضبة لأوليائه وأهل طاعته؛ لأن الحق تبارك وتعالى كما قال الإمام علي: إن الله لا يُسلِم الحق، ولكن يتركه ليبلو غَيْرة الناس عليه، فإذا لم يغاروا عليه غَارَ هو عليه.

نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 119
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست