نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 1391
الدليل الأول
تقرير قاعدة الدعوة إلى الإصلاح بالحكمة والموعظة والمجادلة
كما في قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: 125].
قال القرطبي في تفسير هذه الآية: (هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ فِي وَقْتِ الْأَمْرِ بِمُهَادَنَةِ قُرَيْشٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى دِينِ اللَّهِ وَشَرْعِهِ بِتَلَطُّفٍ وَلِينٍ دُونَ مُخَاشَنَةٍ وَتَعْنِيفٍ، وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُوعَظَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. فَهِيَ مُحْكَمَةٌ فِي جِهَةِ الْعُصَاةِ مِنَ الْمُوَحِّدِينَ، وَمَنْسُوخَةٌ بِالْقِتَالِ فِي حَقِّ الْكَافِرِينَ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ مَنْ أَمْكَنَتْ مَعَهُ هَذِهِ الْأَحْوَالُ مِنَ الْكُفَّارِ وَرُجِيَ إِيمَانُهُ بِهَا دُونَ قِتَالٍ فَهِيَ فِيهِ مُحْكَمَةٌ. والله أعلم.) (1)
والصحيح الراجح أنها محكمة غير منسوخة مع المسلمين وغير المسلمين في دار الإسلام وفي غير دار الإسلام فهذا هو الأصل في الدعوة إلى الإصلاح أنها بالحكمة واللين والرفق وهذا لا يتعارض مع النصوص الأخرى التي توضع بمواضعها ويراعى فيها حيثياتها دون إلغاء للأصل ولهذا كانت دعوة الرسل كافة دعوة للإصلاح السلمي كما قال شعيب لقومه: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود: 88]
قال القرطبي في تفسيره: (أَيْ مَا أُرِيدُ إِلَّا فِعْلَ الصَّلَاحِ، أَيْ أَنْ تُصْلِحُوا دُنْيَاكُمْ بِالْعَدْلِ وَآخِرَتَكُمْ بِالْعِبَادَةِ، وَقَالَ:" مَا اسْتَطَعْتُ" لِأَنَّ الِاسْتِطَاعَةَ مِنْ شُرُوطِ الْفِعْلِ دون الإرادة) (2)
كما أمر الله نبيه موسى وأخاه هارون أن يدعوا فرعون مع طغيانه وجبروته باللين: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)} [طه: 43، 44].
ـــــــــ
الدليل الثاني
تقرير قاعدة عدم السيطرة على المخالف
كما قال تعالى: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22)} [الغاشية: 21، 22] وقال تعالى: {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} [ق: 45].
قال ابن جرير الطبري في تفسير الآية: (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَلَّطٍ، وَلَا أَنْتَ بِجَبَّارٍ، تَحْمِلُهُمْ عَلَى مَا تُرِيدُ. يَقُولُ: كُلُّهُمْ إِلَيَّ، وَدَعْهُمْ وَحُكْمِي فِيهِمْ؛ يُقَالُ: قَدْ تَسَيْطَرَ فُلَانٌ عَلَى قَوْمِهِ: إِذَا تَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ.) (3)
(1) - تفسير القرطبي (10/ 200)
(2) - تفسير القرطبي (9/ 90)
(3) - تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (24/ 340)
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 1391