نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 201
الأولى، ومحاولته اختبار الطاعة والعزيمة في نفوس جنوده قبل المعركة، وفصله للذين ضعفوا وتركهم وراءه .. ثم - وهذا هو الأهم - عدم تخاذله وقد تضاءل جنوده تجربة بعد تجربة ولم يثبت معه في النهاية إلا تلك الفئة المختارة. فخاض بها المعركة ثقة منه بقوة الإيمان الخالص، ووعد الله الصادق للمؤمنين.
والعبرة الأخيرة التي تكمن في مصير المعركة .. أن القلب الذي يتصل بالله تتغير موازينه وتصوراته لأنه يرى الواقع الصغير المحدود بعين تمتد وراءه إلى الواقع الكبير الممتد الواصل، وإلى أصل الأمور كلها وراء الواقع الصغير المحدود. فهذه الفئة المؤمنة الصغيرة التي ثبتت وخاضت المعركة وتلقت النصر، كانت ترى من قلتها وكثرة عدوها ما يراه الآخرون الذين قالوا: «لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ» .. ولكنها لم تحكم حكمهم على الموقف. إنما حكمت حكما آخر، فقالت: «كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ
غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ، وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ» .. ثم اتجهت لربها تدعوه: «رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ» ..
وهي تحس أن ميزان القوى ليس في أيدي الكافرين، إنما هو في يد الله وحده. فطلبت منه النصر، ونالته من اليد التي تملكه وتعطيه .. وهكذا تتغير التصورات والموازين للأمور عند الاتصال بالله حقا، وعندما يتحقق في القلب الإيمان الصحيح.
وهكذا يثبت أن التعامل مع وعد الله الواقع الظاهر للقلوب أصدق من التعامل مع الواقع الصغير الظاهر للعيون! ولا نستوعب الإيحاءات التي تتضمنها القصة. فالنصوص القرآنية - كما علمتنا التجربة - تفصح عن إيحاءاتها لكل قلب بحسب ما هو فيه من الشأن وبقدر حاجته الظاهرة فيه. ويبقى لها رصيدها المذخور تتفتح به على القلوب، في شتى المواقف، على قدر مقسوم ..
وهنا كانت التجربة قد غربلت جيش طالوت - إلى حد - ولكن التجارب لم تكن قد انتهت بعد:
«فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا: لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ» ..
لقد صاروا قلة. وهم يعلمون قوة عدوهم وكثرته: بقيادة جالوت. إنهم مؤمنون لم ينكصوا عن عهدهم مع نبيهم. ولكنهم هنا أمام الواقع الذي يرونه بأعينهم فيحسون أنهم أضعف من مواجهته. إنها التجربة الحاسمة. تجربة الاعتزاز بقوة أخرى أكبر من قوة الواقع المنظور. وهذه لا يصمد لها إلا من اكتمل
وهنا كانت التجربة قد غربلت جيش طالوت - إلى حد - ولكن التجارب لم تكن قد انتهت بعد:
«فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا: لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ» ..
لقد صاروا قلة. وهم يعلمون قوة عدوهم وكثرته: بقيادة جالوت. إنهم مؤمنون لم ينكصوا عن عهدهم مع نبيهم. ولكنهم هنا أمام الواقع الذي يرونه بأعينهم فيحسون أنهم أضعف من مواجهته. إنها التجربة الحاسمة. تجربة الاعتزاز بقوة أخرى أكبر من قوة الواقع المنظور. وهذه لا يصمد لها إلا من اكتمل
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 201