نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 2158
ويدخلوا التحريف الفاسد، ويطلقوا الحجة المريضة. ثمَّ بعد ذلك كله يستغلون السلطة والمال والإعلام لينصروا ديناً على دين، ومذهباً على مذهب، ويطلقوا الحرّية المتفلّته لهذا ويحجروها على ذاك، فيتناقضوا مع دعوى يزعمونها وزخرف كاذب يظهرونه حرّية كاذبة مريضة هذه التي يدّعونها، وفتنة واسعة يلهبون بها الأرض وينشرون بها الفساد.
ولقد جاءت السنوات الأخيرة بخاصة تكشف زيف هذه الحضارة وعمق بؤسها وإجرامها في حق الإنسان، وتكشف أَن الحرّية لم تكن أَكثر من حرّية الجشع والنهب والاستغلال وانتهاز الفرص، حتى سمى نيكسون - رئيس جمهورية الولايات المتحدة سابقاً - كتابه الأَخير الذي نشرت بعضه جريدة الشرق الأوسط " انتهاز الفرصة " وكتابه الأسبق " نصر بلا حرب " يعلن فيه خُطة الحرب الباردة للقضاء على أَعداء أمريكا وتأمين مصالحها الخاصة على حساب شعوب الأرض وبخاصة شعوب العالم الثالث، كما ذكرنا في الفصول السابقة.
فإذا انهار الاتحاد السوفياتي وتفككت دولته ومؤسساته وبطل سحره، فإن الغرب نفسه انكشفت أَوراقه وبان زيفه، وأَخذت تنمو الخانقة شيئاً فشيئاً، وبدأ الإنسان هناك يشعر أَنه لا يملك حرّية ولا يجد مساواة ولا يرى إخاء، وإنما يرى نفسه إنساناً مسحوقاً.
فما يسمى " بالسوق الحرّة " كانت في الحقيقة سوق استغلال وفساد. والمؤسسات المالية أصبحت متورطة بأنواع شتى من الجرائم والغش والرشوة، وصفقات الأسلحة والمخدرات، وجرائم القتل والمؤمرات. وامتلأت الصحف في بريطانيا وأمريكا تتحدث عن الجرائم اليومية في المجتمع بما تقشعر منه الأبدان، وكذلك في غيرها من أَقطار الغرب " المتحضر ".
في أمريكا عجزٌ متزايد في الميزانية، ركود اقتصادي، زيادة العاطلين عن العمل حتى بلغوا (25) مليون أمريكي سنة 1991م، تسريح عدد كبير من عمال المصانع، إغلاق شركات كبرى وإفلاسها، ازدياد عدد الذين يعانون من الفاقة والحاجة. ثم أَخذت الصحف في بريطانيا وأمريكا وغيرهما مثل واشنطن بوست، نيوزويك، الغارديان، الإندبندنت وغيرها تعرض خلال السنتين الماضيتين إحصائيات ودراسات عن هذه المشكلات بصورة تثير الحيرة والقلق والفزع. ولا يختلف الحال في بريطانيا، وربما كانت بعض المشكلات عندها أَشد إيلاماً. وكذلك أَزمات تتصاعد في ألمانيا وفرنسا، وكذلك في اليابان.
وامتدّت الجريمة في العالم الغربيّ كله وفي الاتحاد السوفياتي سابقاً، وفي روسيا وغيرها اليوم. وأوربا يعتبرون لندن مدينة الجريمة لهول ما يقع فيها من جرائم.
الجريمة هناك امتدت إلى الطفل والطفلة، إلى المرأة والفتاة، إلى العجائز، إلى الكهول والشيوخ. وانتشرت حتى لم يعد الشارع آمناً، ولا الحديقة ولا الفندق ولا المدرسة ولا البيت ولا مكان البيع والشراء. لم يعد الإنسان يجد الأمن ولا الحرّية، ولم يعد القانون والسلطة ورجالها قادرين على توفير
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 2158