نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 2253
وَإِنَّ هَذَا القُرْآنَ العَظِيمَ لَشَرَفٌ عَظِيمٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ، لأَنَّهُ نَزَلَ بِلُغَتِهِمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونُوا أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى الأَخْذِ بِهِ، والعَمَلِ بِأَحْكَامِهِ، وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ عَنِ القِيَامِ بِحَقِّ هَذَا القُرْآنِ، وَعَنِ العَمَلِ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ شَرِيعَةٍ وَأَحْكَامٍ.
«فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ. إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» .. واثبت على ما أنت فيه، وسر في طريقك لا تحفل ما كان منهم وما يكون. سر في طريقك مطمئن القلب.
«إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» .. لا يلتوي بك ولا ينحرف ولا يحيد. وهذه العقيدة متصلة بحقيقة الكون الكبرى، متناسقة مع الناموس الكلي الذي يقوم عليه هذا الوجود. فهي مستقيمة معه لا تنفرج عنه ولا تنفصل. وهي مؤدية بصاحبها إلى خالق هذا الوجود، على استقامة تؤمن معها الرحلة في ذلك الطريق! والله - سبحانه - يثبت رسوله - صلى الله عليه وسلم - بتوكيد هذه الحقيقة. وفيها تثبيت كذلك للدعاة من بعده، مهما لاقوا من عنت الشاردين عن الطريق! «وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ» ..
إن هذا القرآن يرفع ذكرك وذكر قومك. وهذا ما حدث فعلا ..
فأما الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإن مئات الملايين من الشفاه تصلي وتسلم عليه، وتذكره ذكر المحب المشتاق آناء الليل وأطراف النهار منذ قرابة ألف وأربع مئة عام. ومئات الملايين من القلوب تخفق بذكره وحبه منذ ذلك التاريخ البعيد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
وأما قومه فقد جاءهم هذا القرآن والدنيا لا تحس بهم، وإن أحست اعتبرتهم على هامش الحياة. وهو الذي جعل لهم دورهم الأكبر في تاريخ هذه البشرية. وهو الذي واجهوا به الدنيا فعرفتهم ودانت لهم طوال الفترة التي استمسكوا فيها به. فلما أن تخلوا عنه أنكرتهم الأرض، واستصغرتهم الدنيا وقذفت بهم في ذيل القافلة هناك، بعد أن كانوا قادة الموكب المرموقين! وإنها لتبعة ضخمة تسأل عنها الأمة التي اختارها الله لدينه، واختارها لقيادة القافلة البشرية الشاردة، إذا هي تخلت عن الأمانة: «وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ» (الظلال)
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101)} [آل عمران]
يُحَذِّرُ اللهَ تَعَالَى المُؤْمِنِينَ مِنْ إطَاعَةِ اليَهُودِ الذِينَ يَحْسُدُونَ المُؤْمِنينَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ، وَمَا مَنَحَهُمْ مِنْ إِرْسَالِ رَسُولٍ إلَيْهِمْ، لأنَّ ذَلِكَ قَدْ يُؤَدِّي بِهِمْ إلَى الكُفْرِ.
وَقَدْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي اثْنَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ. فَيُروَى أنَّ الأوْسَ وَالخَزْرَجَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ حُرُوبٌ شَدِيدَةٌ، وَعَدَاوَاتٌ مُسْتَحْكِمَةٌ، وَلَمَّا دَخَلُوا فِي الإِسْلاَمِ ألَّفَ اللهُ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَأَصْبَحُوا
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 2253