نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 2258
هو الذي مكن لهم هذا الحرم الآمن منذ أيام أبيهم إبراهيم؟ أفمن أمنهم وهم عصاة، يدع الناس يتخطفونهم وهم تقاة؟! «وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ» .. لا يعلمون أين يكون الأمن وأين تكون المخافة. ولا يعلمون أن مرد الأمر كله لله.
وتلك نهاية المطاف في الرد على مقالتهم: «إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا» فحتى لو كان ذلك كذلك فهو خير من أن يكونوا في الآخرة من المحضرين! فكيف واتباع هدى الله معه الأمن في الدنيا والتمكين، ومعه العطاء في الآخرة والأمان؟ ألا إنه لا يترك هدى الله إذن إلا الغافلون الذين لا يدركون حقيقة القوى في هذا الكون. ولا يعرفون أين تكون المخافة وأين يكون الأمن. وإلا الخاسرون الذين لا يحسنون الاختيار لأنفسهم ولا يتقون البوار. (الظلال)
4 - لقد كان المشركون يشركون استبقاء لمكانتهم الدينية في مكة، وما يقوم عليها من سيادة لقريش على القبائل بحكم العقيدة، وما تحققه هذه السيادة من مغانم متعددة الألوان. العزة والمنعة في أولها بطبيعة الحال. مما جعلهم يقولون: «إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا» .. فالله يقول لهم: «مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً» وهذه الحقيقة كفيلة حين تستقر في القلوب أن تبدل المعايير كلها، وتبدل الوسائل والخطط أيضا! إن العزة كلها لله. وليس شيء منها عند أحد سواه. فمن كان يريد العزة فليطلبها من مصدرها الذي ليس لها مصدر غيره. ليطلبها عند الله، فهو واجدها هناك وليس بواجدها عند أحد، ولا في أي كنف، ولا بأي سبب «فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً» ..
إن الناس الذين كانت قريش تبتغي العزة عندهم بعقيدتها الوثنية المهلهلة وتخشى اتباع الهدى - وهي تعترف أنه الهدى - خشية أن تصاب مكانتها بينهم بأذى. إن الناس هؤلاء القبائل والعشائر وما إليها، إن هؤلاء ليسوا مصدرا للعزة، ولا يملكون أن يعطوها أو يمنعوها «فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً» .. وإذا كانت لهم قوة فمصدرها الأول هو الله. وإذا كانت لهم منعة فواهبها هو الله. وإذن فمن كان يريد العزة والمنعة فليذهب إلى المصدر الأول، لا إلى الآخذ المستمد من هذا المصدر. ليأخذ من الأصل الذي يملك وحده كل العزة، ولا يذهب يطلب قمامة الناس وفضلاتهم. وهم مثله طلاب محاويج ضعاف!
إنها حقيقة أساسية من حقائق العقيدة الإسلامية. وهي حقيقة كفيلة بتعديل القيم والموازين، وتعديل الحكم والتقدير، وتعديل النهج والسلوك، وتعديل الوسائل والأسباب! ويكفي أن تستقر هذه الحقيقة وحدها في أي قلب لتقف به أمام الدنيا كلها عزيزا كريما ثابتا في وقفته غير مزعزع، عارفا طريقه إلى العزة، طريقه الذي ليس هنالك سواه!
إنه لن يحني رأسه لمخلوق متجبر. ولا لعاصفة طاغية. ولا لحدث جلل. ولا لوضع ولا لحكم. ولا لدولة ولا لمصلحة، ولا لقوة من قوى الأرض جميعا. وعلام؟ والعزة لله جميعا. وليس لأحد منها شيء إلا برضاه؟ ومن هنا يذكر الكلم الطيب والعمل الصالح: «إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ» .. ولهذا التعقيب المباشر بعد ذكر الحقيقة الضخمة مغزاه وإيحاؤه. فهو إشارة إلى أسباب العزة
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 2258