responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 2261
الله أو يصدون حين يدعون إلى التحاكم إليها .. إنما يقبل مثل هذا في مجتمع لا إسلام له ولا إيمان. وكل ما له من الإيمان زعم كزعم هؤلاء وكل ما له من الإسلام دعوى وأسماء! أو قد تصيبهم المصيبة من ظلم يقع بهم نتيجة التحاكم إلى غير نظام الله العادل ويعودون بالخيبة والندامة من الاحتكام إلى الطاغوت في قضية من قضاياهم. أو قد تصيبهم المصيبة ابتلاء من الله لهم. لعلهم يتفكرون ويهتدون ..
وأياما كان سبب المصيبة فالنص القرآني، يسأل مستنكرا: فكيف يكون الحال حينئذ! كيف يعودون إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا إِحْساناً وَتَوْفِيقاً» ...
إنها حال مخزية .. حين يعودون شاعرين بما فعلوا ... غير قادرين على مواجهة الرسول - صلى الله عليه وسلم - بحقيقة دوافعهم. وفي الوقت ذاته يحلفون كاذبين: أنهم ما أرادوا بالتحاكم إلى الطاغوت - وقد يكون هنا هو عرف الجاهلية - إلا رغبة في الإحسان والتوفيق! وهي دائما دعوى كل من يحيدون عن الاحتكام إلى منهج الله وشريعته: أنهم يريدون اتقاء الإشكالات والمتاعب والمصاعب، التي تنشأ من الاحتكام إلى شريعة الله! ويريدون التوفيق بين العناصر المختلفة والاتجاهات المختلفة والعقائد المختلفة .. إنها حجة الذين يزعمون الإيمان - وهم غير مؤمنين - وحجة المنافقين الملتوين .. هي هي دائما وفي كل حين! والله - سبحانه - يكشف عنهم هذا الرداء المستعار. ويخبر رسوله - صلى الله عليه وسلم -، أنه يعلم حقيقة ما تنطوي عليه جوانحهم. ومع هذا يوجهه إلى أخذهم بالرفق، والنصح لهم بالكف عن هذا الالتواء: «أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ. فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ، وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً» ..
أولئك الذين يخفون حقيقة نواياهم وبواعثهم ويحتجون بهذه الحجج، ويعتذرون بهذه المعاذير. والله يعلم خبايا الضمائر ومكنونات الصدور .. ولكن السياسة التي كانت متبعة - في ذلك الوقت - مع المنافقين كانت هي الإغضاء عنهم، وأخذهم بالرفق، واطراد الموعظة والتعليم ..
والتعبير العجيب: «وَقُلْ لَهُمْ .. فِي أَنْفُسِهِمْ .. قَوْلًا بَلِيغاً». تعبير مصور .. كأنما القول يودع مباشرة في الأنفس، ويستقر مباشرة في القلوب.
وهو يرغبهم في العودة والتوبة والاستقامة والاطمئنان إلى كنف الله وكنف رسوله .. بعد كل ما بدا منهم من الميل إلى الاحتكام إلى الطاغوت ومن الصدود عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - حين يدعون إلى التحاكم إلى الله والرسول .. فالتوبة بابها مفتوح، والعودة إلى الله لم يفت أوانها بعد واستغفارهم الله من الذنب، واستغفار الرسول لهم، فيه القبول!
ولكنه قبل هذا كله يقرر القاعدة الأساسية: وهي أن الله قد أرسل رسله ليطاعوا - بإذنه - لا يخالف عن أمرهم. ولا ليكونوا مجرد وعاظ! ومجرد مرشدين! «وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ. وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ، فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ، وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ، لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً» ..

نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 2261
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست