نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 248
يلهث أوتتركه يلهث) ,فليبصر كل حامل للعلم أوطالب له, مبلغه من أمانيه وآماله, (ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة أليس في جهنم مثوى للمتكبرين) ..
إن عقوداً حالكةً مرت على بلاد الشام عموماً وسوريا خصوصاً, أحكم فيها الطاغوت أنيابه على عباد الله, وأعمل سهام مكره في دين الناس وعقيدتهم, فسلخ عنه زمراً كثيرة, وجموعاً غفيرة, عبر أبواقه الجاثمة الحاقدة, وأدواته من أهل الردة والنفاق, المتسترين بوشاح الدين وسيما الصالحين, حتى أضحى التحزب للبعث ضرورةً من الضروريات, وأوجب واجب في ذمّة الناس, فلا تستقيم حياتهم ولا دنياهم ولا معيشتهم, إلا إذا عنت وجوههم لطاغوتهم بإخلاص, وقدموا لحزبه قرابين الوفاء, ممزوجةً بذل التبعية وعار العبودية لغير الله, مع تنكيس الرؤوس وطأطأة الرقاب إذعاناً لكل ما يمليه الطاغوت متى يشاء وكيفما يشاء, فوئدت عقيدة أبناء الإسلام في مهدها, وتمخض من مدارس البعث التي يؤطر عليها الولدان أطراً, جيل استحكمت عليه مخالب الشر وأيادي الكفر, حتى غيب دين الله في فهمه وتصوره, بل لا يكاد يفقه فيه قولا ولا يدرك منه رشداً, وحسبنا الله ونعم الوكيل ..
ثم أمعن نظام الكفر في نشر الفساد والرذيلة وإشاعة الفاحشة في كل زوايا البلاد وأرجائها, وأردى الناس إلى هوة نتنةٍ لا قرار لها, فحدث ما شئت عن أنواع الخنا وفنون الزنا, والعهر المقنن المنظم, وتعبيد الناس للشهوات والنزوات, دون وازع أورقيب, مما هوى بالبلاد إلى أدنى دركات انحطاط الآداب وسفالة الأخلاق, ومن زار الشام وسار في مناكبها, يدرك ذلك ويعاينه, وإلى الله المشتكى ..
وقد تآلفت في نظام الكفر ضغائن البعث مع أحقاد النصيرية, فتآكد الشنآن, واستعرت دوافع الإجرام, وتمخضت عن ذلك ألوان العذاب وأصناف التنكيل في أفظع سجون مرت على بلاد الشام, فمن تدمر إلى صيدنايا, مروراً بالمزة وفرع فلسطين, وانتهاء بأقبية الظلام المنتشرة في كل الأرجاء, والتي أمست أشهر معالم البلاد وأهم إنجازاتها! وشعارها لروادها "لابثين فيها أحقابا"!
وكانت سنّة الله في فسادِ الأرض عندما يغيب الجهاد وتندرس معالمه, وتتلاشى مدافعة الحق للباطل, فتغدوله الصولة والدولة, والشوكة والمنعة, وصدق الله (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض) ,وأعظم فساد لها هوفساد اديان عمارها, واضمحلال عبوديتهم التي من أجلها وجدوا ولتحقيقها خلقوا, ليحل مكان ذلك في الصدور دين محرف, وفي الأرض شرع مبدل, والناس يتقلبون في رياح الأهواء وتيارات الشهوات ..
ومن أبصر بلاد الإسلام التي استطال فيها ليل الطغاة, وغاب فيها القتال والنزال, يرى حجم تبعات التهلكة التي أثمرها الركون إلى الظالمين والخنوع لهم, فتنشّؤ الشعوب في الحلية والدعة, ويضرب على آذانها وتعمى أبصارها, وتعلوالوجوه سحائب الصغار وترهقها الذلة التي لا تنزع حتى يؤوب الناس إلى دينهم ويرجعوا للجهاد في سبيل الله ..
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 248