نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 375
سوريا قليلة النفط كثيفة السكان، فلا مصالح اقتصادية تُبتغى من وراء دعم الثوار هناك، بل لن يأتي من التغيير سوى المزيد من الأعباء الاقتصادية على القوى الراعية للنظام الدولي، ومن القوى الإقليمية المساندة له.
2 - إسرائيل: فليبيا بعيدة عن حدود إسرائيل، ولا خوف من تهديد أمنها، ولا فائدة تُرجى من بقاء القذافي أو عدمه، والخطر الوحيد الذي يمثله اهتزاز قاعدة حكم القذافي، ينبع من موقعه الجغرافي القريب من أوروبا، فالفوضى تأتي إليها بالإرهاب والهجرة غير القانونية، على مسافة كيلومترات قليلة من الضفة الشمالية للمتوسط.
أما سوريا، فذات أهمية جيوسياسية دقيقة، وهي على تماس مع إسرائيل، ونظامها البعثي مؤتمَن على تجميد جبهة الجولان، وسجن الكتلة السنية العريضة في زنزانات الخوف والقمع، ولا بديل من الأسد حتى الآن في تأدية هذين الدوريْن تحديداً.
والسؤال المقلق في الغرب هو عن البديل هو الذي أخّر إعلان التخلي عن الأسد، ولو بالكلام فقط.
3 - الموقع: تقع ليبيا في فراغ صحراوي بين كتلتين ديموغرافيتين كبريين، مصر شرقاً وتونس والجزائر غرباً، وهي ميدان حربي مثالي، يستهلك الطاقة النارية بسهولة دون أن يؤثر سلباً على دول الجوار. وبإمكان قوى الغرب ممارسة هوايتها في القصف الجوي، بما يشبه المناورات العسكرية المدفوعة الثمن سلفاً، والتي ستتبعها مرحلة إعادة الإعمار المُجزية، حيث لكل دولة مشارِكةٍ في إسقاط القذافي نصيب، أي تشبه العملية الأطلسية برمتها، ما كان يجري في فترات سابقة من تسليم المصانع المستوردة بالمفتاح، مع بعض الخبرة المحلية.
أما موقع سوريا فبالغ الحساسية، إذ يتوسط دولاً متفاوتة الحجم، لكنها تعني كثيراً للغرب، من العراق حيث المصالح الأمريكية الاستراتيجية، والأردن الفناء الخلفي للاستخبارات الأمريكية والبريطانية، ولبنان المحطة الدائمة لترويج منتجات الحضارة الغربية الفاسدة، (الأردن ولبنان من أهم دول الطوق أيضاً، لما يضمان من مئات آلاف الفلسطينيين) إلى تركيا القوة المركزية في الشرق كدولة منافسة موضوعياً لإيران الطامحة والطامعة، والعضو المعارض في حلف الأطلسي لتدخل مماثل في سوريا، والنموذج المدجَّن للديمقراطية العلمانية في الشرق المسلم. وإضافة إلى ذلك كله، ثمة رباط عضوي بين سوريا وإيران، وأعداد غير محدّدة من الإيرانيين وأتباعهم اللبنانيين، هم متمركزن في سوريا فعلاً أو هم مستعدون للتدخل علناً في لحظة الخطر الشديد [1]، وهذا ما يعيق أي تدخل أطلسي مشابه لما حدث في ليبيا.
وعلى هذا، لا يمكن أن يقع التدخل العسكري مباشرة في الصراع الدائر بين آل الأسد والشعب السوري، كما أن الموقع الجغرافي لا يسمح بتحويل سوريا إلى ميدان قتالي، يزعزع الاستقرار حكماً في
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 375