نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 487
المنتفخة التي تبدو للناس قادرة على الكثير. وقوة الله الحقيقة الهائلة التي تتهاوى دونها القوى الظاهرية الهزيلة التي ترهب الناس!
«فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ» .. أهذا هو الأمن؟ أهذا هو الوعد؟ أهذه هي البشارة؟
وهل كانت المسكينة تخشى عليه إلا من آل فرعون؟ وهل كانت ترجف إلا أن ينكشف أمره لآل فرعون؟ وهل كانت تخاف إلا أن يقع في أيدي آل فرعون؟
نعم! ولكنها القدرة تتحدى. تتحدى بطريقة سافرة مكشوفة. تتحدى فرعون وهامان وجنودهما. إنهم ليتتبعون الذكور من مواليد قوم موسى خوفا على ملكهم وعرشهم وذواتهم. ويبثون العيون والأرصاد على قوم موسى كي لا يفلت منهم طفل ذكر .. فها هي ذي يد القدرة تلقي في أيديهم بلا بحث ولا كد بطفل ذكر. وأي طفل؟ إنه الطفل الذي على يديه هلاكهم أجمعين! ها هي ذي تلقيه في أيديهم مجردا من كل قوة ومن كل حيلة، عاجزا عن أن يدفع عن نفسه أو حتى يستنجد! ها هي ذي تقتحم به على فرعون حصنه وهو الطاغية السفاح المتجبر، ولا تتعبه في البحث عنه في بيوت بني إسرائيل، وفي أحضان نسائهم الوالدات! ثم ها هي ذي تعلن عن مقصدها سافرة متحدية: «لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً». ليكون لهم عدوا يتحداهم وحزنا يدخل الهم على قلوبهم: «إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ» .. ولكن كيف؟ كيف وها هو ذا بين أيديهم، مجردا من كل قوة، مجردا من كل حيلة؟
إن القدرة التي ترعاه تدبر أمره، وتكيد به لفرعون وآله فتجعلهم يلتقطونه، وتجعلهم يحبونه، وتجعلهم يبحثون له عن ظئر ترضعه، وتحرم عليه المراضع، لتدعهم يحتارون به وهو يرفض الثدي كلما عرضت عليه، وهم يخشون عليه الموت أو الذبول! حتى تبصر به أخته من بعيد، فتعرفه وتتيح لها القدرة فرصة لهفتهم على مرضع، فتقول لهم: «هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون»؟ فيتلقفون كلماتها، وهم يستبشرون، يودون لو تصدق فينجو الطفل العزيز المحبوب!
وقد عاد الطفل الغائب لأمه الملهوفة. معافى في بدنه، مرموقا في مكانته، يحميه فرعون، وترعاه امرأته، وتضطرب المخاوف من حوله وهو آمن قرير. وقد صاغت يد القدرة الحلقة الأولى من تدبيرها العجيب: «فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ، كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ، وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ» (الظلال)
--------
وفي قصة يوسف عليه السلام
قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 21]
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 487