نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 828
مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» (1)
فكان الرشد أشرف صفات أهل الإيمان، وهو غاية طاعتهم وعبادتهم واستجابتهم لله ولرسوله، وذلك بأن يتحقق لهم الرشد وهو الاهتداء والاستقامة، وبلوغهم درجة الكمال روحا وعقلا، وصلاح أحوالهم قولا وفعلا، فلا يتحرون إلا الحق، ولا يفعلون إلا الصواب، ولا يريدون إلا الخير، ولا يحبون إلا العدل.
ولهذا كان على الجيل الراشدي الجديد الذي يحمل على عاتقه مهمة إعادتها من جديد (أمة واحدة وخلافة راشدة) [2]، أن يترسم خطاهم فيما هو بسبيله، إذ لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها [3]، وهذا معنى الاقتداء بهم كما في الحديث عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «اقْتَدُوا بِالَّذِينَ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ» (4)
فالاقتداء يشمل حتى التشبه بهم وبأحوالهم وأفعالهم وهديهم، وهو أعم من اتباع سننهم!
إن معرفة ذلك كله، ومعرفة أسباب النصر وشروطه التي تحقق لهم بها التمكين والاستخلاف في الأرض، كل ذلك شرط لتحقق النصر للراشدين والمصلحين الجدد، فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن غربة ثانية، وعودة للإسلام ثانية فعن عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ، أَنَّ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ الدِّينَ لَيَأْزِرُ إِلَى الْحِجَازِ كَمَا تَأْزِرُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا، وَلَيَعْقِلَنَّ الدِّينُ مِنَ الْحِجَازِ مَعْقِلَ الْأُرْوِيَّةِ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ، إِنَّ الدِّينَ بَدَأَ غَرِيبًا وَيَرْجِعُ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ بَعْدِي مِنْ سُنَّتِي» (5)
وهناك شروط وصفات يجب أن تتوفر لقيادات العمل الراشدي اليوم لتكون أهلا للنصر، كما يجب أن تتوفر في أنصارهم وأشياعهم صفات الرشد التي تجعلهم أهلا للقيام بالمهمة:
(1) - سنن أبي داود (4/ 201) (4607) صحيح - زيادة مني [2] - قال تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 92] [3] - قَالَ مَالِكٌ: كَانَ وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ يَقْعُدُ إِلَيْنَا، ثُمَّ لا يَقُومُ أَبَدًا حَتَّى يَقُولَ لَنَا: إِنَّهُ لا يُصْلِحُ آخِرَ هَذِهِ الأُمَّةِ إِلا مَا أَصْلَحَ أَوَّلَهَا، قُلْتُ لَهُ: يُرِيدُ مَاذَا؟ قَالَ يُرِيدُ التُّقَى" مسند الموطأ للجوهري (ص: 584) (783) صحيح
(4) - فضائل الخلفاء الراشدين لأبي نعيم الأصبهاني (ص: 94) (94) صحيح
(5) - المعجم الكبير للطبراني (17/ 16) (11) حسن لغيره
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 828