نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 830
أَوَقَالَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: فَأَشْهَدُ، لَئِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ لَقَدْ صَدَقَ. قَالُوا: فَتُصَدِّقُهُ بِأَنْ يَأْتِيَ الشَّامَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ؟ قَالَ: نَعَمْ , إِنِّي أُصَدِّقُهُ بِأَبْعَدِ مِنْ ذَلِكَ، أُصَدِّقُهُ بِخَبَرِ السَّمَاءِ" (1)
إنه الإيمان المطلق بالغيب والتصديق بأخبار الوحي عما مضى من الأحداث، وعما يستقبل منها كأنه يراها رأي العين!
لقد ضعفت عرى الإيمان لدى أكثر المسلمين ودعاتهم وعلمائهم اليوم حتى أصبح كثير منهم على (دين بلا يقين) فهم في شك من دينهم، وفي شك من كمال شريعتهم، وفي شك من سنن النبي صلى الله عليه وسلم وخلفائه في سياسة الأمة، وفي شك من وجوب اتباعها، وفي شك من صلاحيتها لعصرهم، وفي شك من بطلان هذه الجاهلية التي تحكمهم وتسوس شئونهم، وفي شك من وعد الله لهم بالنصر إن هم نصروه، وفي شك من عودتها خلافة راشدة كما أخبر بذلك صلى الله عليه وسلم [2]، {بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ} [يونس: 39]
ففقدوا بهذه الشكوك المتراكمة - التي ثبطتهم عن القيام لله بالقسط والحق - درجة الصديقية!
لقد تجلى إيمان أبي بكر العميق الراسخ رسوخ الجبال في مواقف تاريخية كبرى، وكان أولها حين دخل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ، - قَالَ: إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي بِالعَالِيَةِ - فَقَامَ عُمَرُ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَتْ: وَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلَّا ذَاكَ، وَلَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ، فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِيَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ " فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَبَّلَهُ، قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يُذِيقُكَ اللَّهُ المَوْتَتَيْنِ أَبَدًا"
وخرج على الناس وهم في المسجد وقد أصابهم هول المصيبة حتى طاشت عقولهم، وعمر يهذي ويقول: والله ما مات رسول الله وإنما ذهب يناجي ربه كما ذهب موسى!
فخَرَجَ (أبو بكر) فَقَالَ: أَيُّهَا الحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ، فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: أَلا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم - فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ، وَقَالَ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30]، وَقَالَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ
(1) - دلائل النبوة للبيهقي مخرجا (2/ 360) صحيح مرسل - زيادة [2] - عن النُّعْمَانَ بْنِ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: كُنَّا قُعُودًا فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَكَانَ بَشِيرٌ رَجُلاً يَكُفُّ حَدِيثَهُ، فَجَاءَ أَبُو ثَعْلَبَةَ، فَقَالَ: يَا بَشِيرُ بْنَ سَعْدٍ، أَتَحْفَظُ حَدِيثَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الأُمَرَاءِ؟ وَكَانَ حُذَيْفَةُ قَاعِدًا مَعَ بَشِيرٍ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا أَحْفَظُ خُطْبَتَهُ، فَجَلَسَ أَبُو ثَعْلَبَةَ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّكُمْ فِي النُّبُوَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، ثُمَّ سَكَتَ "مسند أبي الطيالسي -طبعة دار هجر - مصر (1/ 249) (439) صحيح
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 830