نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 88
قال: أمّا إذ ذهب سمعي فإنّ بصري لم يذهب نادوا في الناس ألّا يلبس ثوبا أحمر إلا متظلّم، ثم كان يركب الفيل طرفي نهاره، وينظر هل يرى مظلوما. فهذا يا أمير المؤمنين مشرك بالله غلبت رأفته بالمشركين شحّ نفسه، وأنت مؤمن بالله ثم من أهل بيت نبيه لا تغلب رأفتك بالمسلمين على شحّ نفسك!
فإن كنت إنما تجمع المال لولدك، فقد أراك الله عبرا في الطّفل يسقط من بطن أمه وماله على الأرض مال، وما من مال إلا ودونه يد شحيحة تحويه فما يزال الله يلطف بذلك الطفل حتى تعظم رغبة الناس إليه، ولست بالذي تعطي بل الله يعطي من يشاء ما يشاء، وإن قلت إنما أجمع المال لتشديد السلطان فقد أراك الله عبرا في بني أمية ما أغنى عنهم ما جمعوا من الذهب والفضة وأعدّوا من الرجال والسلاح والكراع حتى أراد الله بكم ما أراد، وإن قلت إنما أجمع المال لطلب غاية هي أجسم من الغاية التي أنا فيها، فوالله ما فوق ما أنت فيه إلا منزلة لا تدرك إلا بخلاف ما أنت عليه يا أمير المؤمنين، هل تعاقب من عصاك بأشدّ من القتل؟ قال المنصور: لا، قال: فكيف تصنع بالملك الذي خوّلك ملك الدنيا وهو لا يعاقب من عصاه بالقتل؟ ولكن بالخلود في العذاب الأليم، قد رأى ما قد عقد عليه قلبك وعملته جوارحك ونظر إليه بصرك واجترحته يداك ومشت إليه رجلاك، هل يغني عنك ما شححت عليه من ملك الدنيا إذا انتزعه من يدك ودعاك إلى الحساب؟ فبكى المنصور وقال: يا ليتني لم أخلق! ويحك! فكيف أحتال لنفسي؟ قال: يا أمير المؤمنين، إنّ للناس أعلاما يفزعون إليهم في دينهم ويرضون بهم فاجعلهم بطانتك يرشدوك، وشاورهم في أمرك يسدّدوك، قال: قد بعثت إليهم فهربوا مني، قال: خافوا أن تحملهم على طريقتك ولكن افتح بابك وسهّل حجابك وانصر المظلوم واقمع الظالم وخذ الفيء والصدقات مما حلّ وطاب واقسمه بالحقّ والعدل على أهله وأنا الضامن عنهم أن يأتوك ويسعدوك على صلاح الأمة. وجاء المؤذنون فسلموا عليه فضلى وعاد إلى مجلسه وطلب الرجل فلم يوجد.
---------------
انظر عيون الأخبار (2/ 360) فما بعد والتذكرة الحمدونية (3/ 212) وحياة الحيوان الكبرى (2/ 321) وجمهرة خطب العرب في عصور العربية الزاهرة (3/ 46) والعقد الفريد (3/ 103)
- - - - - - - - - - -
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 88