responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 906
وكان بنو إسرائيل قد عانوا من قبل - في إبان مولد موسى - مثل هذا التنكيل الوحشي من فرعون وملئه كما يقول الله تعالى في سورة القصص: «إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ، وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً، يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ، يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ» ..
إنه الطغيان في كل مكان وفي كل زمان. لا فرق بين وسائله اليوم ووسائله قبل عشرات القرون والأعوام .. !
ويدع السياق فرعون وملأه يتآمرون، ويسدل الستار على مشهد التآمر والوعيد، ليرفعه على مشهد خامس من مشاهد القصة ندرك منه أن فرعون قد مضى ينفذ الوعيد .. إنه مشهد النبي موسى - عليه السلام - مع قومه، يحدثهم بقلب النبي ولغته، ومعرفته بحقيقة ربه وبسنته وقدره، فيوصيهم باحتمال الفتنة، والصبر على البلية، والاستعانة بالله عليها. ويعرفهم بحقيقة الواقع الكوني. فالأرض لله يورثها من يشاء من عباده. والعاقبة لمن يتقون الله ولا يخشون أحدا سواه .. فإذا شكوا إليه أن هذا العذاب الذي يحل بهم قد حل بهم من قبل أن يأتيهم، وهو يحل بهم كذلك بعد ما جاءهم، حيث لا تبدو له نهاية، ولا يلوح له آخر! أعلن لهم رجاءه في ربه أن يهلك عدوهم، ويستخلفهم في الأرض ليبتليهم في أمانة الخلافة: «قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ: اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا، إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ، وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ. قالُوا: أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا. قالَ: عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ، وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ، فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ».
إنها رؤية «النبي» لحقيقة الألوهية وإشراقها في قلبه. ولحقيقة الواقع الكوني والقوى التي تعمل فيه.
ولحقيقة السنة الإلهية وما يرجوه منها الصابرون .. إنه ليس لأصحاب الدعوة إلى رب العالمين إلا ملاذ واحد، وهو الملاذ الحصين الأمين، وإلا ولي واحد وهو الولي القوي المتين. وعليهم أن يصبروا حتى يأذن الولي بالنصرة في الوقت الذي يقدره بحكمته وعلمه.
وألا يعجلوا، فهم لا يطلعون الغيب، ولا يعلمون الخير .. وإن الأرض لله. وما فرعون وقومه إلا نزلاء فيها. والله يورثها من يشاء من عباده - وفق سنته وحكمته - فلا ينظر الداعون إلى رب العالمين، إلى شيء من ظواهر الأمور التي تخيل للناظرين أن الطاغوت مكين في الأرض غير مزحزح عنها .. فصاحب الأرض ومالكها هو الذي يقرر متى يطردهم منها! وإن العاقبة للمتقين .. طال الزمن أم قصر .. فلا يخالج قلوب الداعين إلى رب العالمين قلق على المصير.
ولا يخايل لهم تقلب الذين كفروا في البلاد، فيحسبونهم باقين ..
إنها رؤية «النبي» لحقائق الوجود الكبير .. ولكن إسرائيل هي إسرائيل! «قالُوا: أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا»: إنها كلمات ذات ظل! وإنها لتشي بما وراءها من تبرم! أوذينا قبل مجيئك وما تغير شيء بمجيئك. وطال هذا الأذى حتى ما تبدو له نهاية! ويمضي النبي الكريم على نهجه. يذكرهم بالله، ويعلق رجاءهم به، ويلوح لهم بالأمل في هلاك عدوهم.

نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف    جلد : 1  صفحه : 906
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست