نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 923
وقال الطبري في قوله -تعالى-: (فَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ) أي فجعلنا قوم إبراهيم الأذلين حجة، وغلبنا إبراهيم عليهم بالحجة. (تفسير الطبري 23/ 75.).
وكذلك نجد هذا المعنى في قوله - تعالى: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ) [سورة الأنعام، الآية: 83]. والرفع هو الانتصار.
وكذلك في سورة البقرة بعد أن ذكر الله محاجة الذي كفر لإبراهيم في ربه، قال الله -تعالى- (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) [سورة البقرة، الآية: 258]. والبهت هو الهزيمة، أي انهزم الكافر وانتصر إبراهيم بالحجة والبرهان.
إذن فانتصار الداعية بقوة حجته هو انتصار حقيقي، بل هو وسيلة من أهم وسائل انتصار الدين وظهوره.
7 - أن انتصار الداعية، غير محصور في زمان أو مكان، فزمانه الحياة الدنيا ثم الآخرة، ومكانه أرض الله الواسعة.
ولذا فقد يضطهد الداعية في مكان وينتصر في مكان آخر، كما حدث لنبينا محمد، صلى الله عليه وسلم فقد اضطهد في مكة، ثم انتصر في المدينة أولا ثم في مكة ثانيا.
وموسى، عليه السلام، اضطهد في أرض فرعون وانتصر بعد ذلك في مكان آخر، وقد يضطهد الداعية في زمان، ثم ينتصر في زمان آخر. كما حدث لشيخ الإسلام ابن تيمية، فمات في سجنه -رحمه الله- ولكن انتصرت دعوته أعظم الانتصار بعد عدة قرون من وفاته ولا تزال.
وهذا أمر معلوم ومشاهد، فكم من داعية هزم في مكان وانتصر في مكان آخر، وأوذي في زمان وانتصر في زمان آخر، سواء في حياته أو بعد وفاته.
8 - أخيرا، فإن النصر قد يكون بالمنع، أي بحماية الداعية ومنع أعدائه من الوصول إليه، قال -سبحانه-: (وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) [سورة البقرة، الآية: 48]. أي يمنعون (انظر تفسير الطبري 1/ 269 وهو قول لابن عباس.)
وقال- جل وعلا-: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ) [سورة الحجر، الآية: 94، 95].
قال الإمام الطبري في معنى هذه الآية: يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ يَا مُحَمَّدُ، الَّذِينَ يَسْتَهْزِئُونَ بِكَ وَيَسْخَرُونَ مِنْكَ، فَاصْدَعْ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَلَا تَخَفْ شَيْئًا سِوَى اللَّهِ، فَإِنَّ اللَّهَ كَافِيَكَ مَنْ نَاصَبَكَ وَآذَاكَ كَمَا كَفَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ، وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْمُسْتَهْزِئِينَ قَوْمًا مِنْ قُرَيْشٍ مَعْرُوفِينَ. ذِكْرُ أَسْمَائِهِمْ: تفسير الطبري = جامع البيان ط هجر (14/ 145)
وقال -سبحانه-: (وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) [سورة المائدة، الآية: 67].
--------------
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 923