نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 925
أسباب تأخر النصر الظاهر
النفس مجبولة على حبّ العاجل، وتحقق النصر الظاهر لدين الله أمر محبب إلى النفس كيف لا، وهو ظهور دين الله وقمع الباطل وأهله، ولذلك قال -سبحانه-: (وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) (2) [سورة الصف، الآية: 13].
ونحن مأمورون بالسعي لإقامة دين الله (وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) (3) [سورة البقرة، الآية: 193].
وكثير من الناس -وأخص الدعاة منهم- يستبطئون تحقق النصر، وقد يسبب لهم هذا الأمر شيئا من اليأس أو الانحراف عن المنهج، ويغفلون عن الأسباب التي تؤخر النصر الظاهر، مع أن معرفة هذه الأسباب أمر مهم، وله آثاره الإيجابية على حياة الدعاة والمدعوين والأتباع، وذلك أن هذه الأسباب على نوعين:
1 - أسباب سلبية، والمعرفة بها سبيل إلى تلافيها وإزالتها.
2 - أسباب إيجابية، وفقهها وإدراكها عامل مؤثر في ثبات الداعية على المنهج الرباني، سواء تحقق النصر عاجلا أو آجلا.
وسأقف مع أبرز الأسباب التي تكون عاملا مؤثرا في تأخير النصر أو عدم وقوعه في حياة الداعية أو على يديه، وسأختصر فيها حسب مقتضى المقام:
1 - تخلف بعض أسباب النصر المشروعة:
وذلك أن للنصر أسبابًا، فإذا تخلّفتْ هذه الأسباب أو بعضها تخلف النصر؛ لأن السبب عند الأصوليين، هو ما يلزم من وجوده الوجود، ومن عدمه العدم لذاته، وإن كان لا يلزم من وجود السبب هنا وجود النصر لمانع آخر، ولكن يلزم من عدمه العدم.
فمثلا: نجد من أسباب النصر المشروعة الإعداد للمعركة لأن الله -تعالى- يقول: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) [سورة الأنفال، الآية: 60]. فعدم الأخذ بالأسباب سبب من أسباب الهزيمة أو تأخر النصر.
وقد يكون انتصار الداعية بعد وفاته أعظم من انتصاره في حياته، لأن المراد هو انتصار المنهج، أما الأشخاص فإن الله قد تكفل بإثابتهم وإكرامهم، جزاء دعوتهم وصدقهم، ولذلك جاءت الآيات تبين هذا الأمر: (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) [سورة آل عمران، الآية: 169]. (قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ) [سورة يس، الآية: 26، 27]. (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [سورة النحل، الآية: 32]. (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ
نام کتاب : بحوث ومقالات حول الثورة السورية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 925