responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 129
رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ، فقال: "أيها الناس إن منكم منفرين، فأيكم أم الناس فليوجز فإن من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة" [1].
بل قد بلغ الحال ببعض الصحابة رضوان الله عليهم، أن أرادوا الأخذ بعزائم الأمور ومخالفة الرسول في بعض ما كان يترخص به - ظنا منهم أنه طريق التقوى والخشية- وأن ترخصات النبي -صلى الله عليه وسلم- خاصة به لأنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
وكأن هؤلاء القوم فهموا أن الأخذ بالأشد هو الأتقى وهو الأقرب إلى الله -سبحانه وتعالى-، لكن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أوضح لهم أن الطريق الصحيح هو في الاتباع والاقتداء، وأن اتباع اليسر والسهولة والأخذ برخص الله هو منهج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهو أعلم الناس بشرعة وأشدهم له خشية [2].
3 - يوضح ذلك: ما روته عائشة -رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أمرهم من الأعمال بما يطيقون قالوا: "إنا لسنا كهيئتك يا رسول الله، إن الله قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيغضب حتى يعرف الغضب في وجهه ثم يقول: "إن أتقاكم وأعلمكم بالله أنا" [3].
فهو -صلى الله عليه وسلم- الجامع للقوتين العلمية وعمله ومنهجه هو المنهج المستقيم، وفي هذا الحديث بيان أن الطريق الصحيح والمنهج السليم هو الوقوف عند ما حدده الشرع من عزيمة أو رخصة، واعتقاد أن الأخذ بالأرفق الموافق للشرع أولى من الأشق المخالف له، كما أعلمهم -صلى الله عليه وسلم- أنه وإن كان الله قد غفر له، لكنه مع ذلك أخشى الناس لله وأتقاهم فما فعله -صلى الله عليه وسلم- من عزيمة أو رخصة فهو في غاية التقوى والخشية، ومن هنا ندرك غضبه -صلى الله عليه وسلم- على هؤلاء الذين حاولوا سلوك

[1] صحيح مسلم مع النووي، كتاب الصلاة -باب تخفيف الأئمة- (4/ 184).
[2] انظر: رفع الحرج في الشريعة (83).
[3] صحيح الباري، فتح الباري، كتاب الإيمان، باب قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: أنا أعلمكم بالله، (1/ 88 - 89 رقم الحديث 20).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 129
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست