نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 238
وشمائله الجميلة، وأقواله الصادقة النافعة، وأفعاله الرشيدة فهو الإمام الأعظم، والقدوة الأكمل: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]، {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر: 7].
وقد ذكر الله عن أولي الألباب الذين هم خواص الخلق أنهم قالوا: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا} وهو هذا الرسول الكريم {يُنَادِي لِلإيمَان} بقوله وخلقه وعمله ودينه، وجميع أحواله {أَنْ آمِنُوا بِرَبكُمْ فَآمَنَّا} [آل عمران: 192] أي: إيمانًا لا يدخله ريب.
ولما كان هذا الإيمان من أعظم ما يقرب العبد إلى الله، ومن أعظم الوسائل التي يحبها الله - توسلوا بإيمانهم أن يكفر عنهم السيئات وينيلهم المطالب العاليات، فقالوا: {رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ} [آل عمران: 193].
ولهذا كان الرجل المنصف -الذي ليس له إرادة إلا اتباع الحق مجرد ما يراه ويسمع كلامه- يبادر إلى الإيمان به - صلى الله عليه وسلم -، ولا يرتاب في رسالته بل كثير منهم - مجرد ما يرى وجهه الكريم- يعرف أنه ليس بوجه كذاب وقيل لبعضهم: (لِمَ بادرت إلى الإيمان بمحمد قبل أن تعرف رسالته؟ فقال: ما أمر بشيء، فقال العقل، ليته نهى عنه ولا نهى عن شيء فقال العقل ليته أمر به) [1].
فاستدل هذا العاقل الموفق -بحسن شريعته، وموافقتها للعقول الصحيحة- على رسالته؛ فبادر إلى الإيمان به [2] ولهذا استدل ملك الروم هرقل -لما وصف له ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - وما كان يأمر به، وما ينهى عنه- استدل بذلك أنه من أعظم الرسل؛ واعترف بذلك اعترافًا جليًّا ولكن منعته الرئاسة وخشية زوال ملكه من اتباعه؛ كما منعت كثيرًا ممن اتضح لهم أنه رسول الله حقًّا، وهذا من أكبر موانع الإيمان في حق أمثال هؤلاء، وأما أهل البصائر والعقول الصحيحة, فإنهم يرون هذه الموانع والرئاسات والشبهات والشهوات، ولا يرون لها قيمة: حتى يعارض بها الحق [1] المرجع السابق (49). [2] المرجع السابق (49).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 238