نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 399
وأما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم، مما يحتاجون إليه، والأصل فيه عدم الحظر، فلا يحظر منه إلا أن يكون مأمورا بها، فما لم يثبت أنه مأمور به، كيف يحكم عليه بأنه عبادة؟!
وما لم يثبت في العبادات أنه منهي عنه، كيف يحكم عليه أنه محظور؟ والعادات الأصل فيها العفو، فلا يحظر منها إلا ما حرم) [1].
وهذا التقسيم في الحظر والإباحة لا يخرج شيئا من أفعال الإنسان العادية من دائرة العبادة لله، ولكن ذلك يختلف من درجته ما بين عبادة محضة وعادة مشوبة بالعبادة، وعادة تتحول بالنية والقصد إلى عبادة، لأن المباحات يؤجر عليها بالنية والقصد الحسن إذا صارت وسائل للمقاصد الواجبة، أو المندوبة أو تكميلا لشيء منهما [2].
وقال النووي في شرحه لحديث: "وفي بضع أحدكم صدقة" [3]: (وفي هذا دليل على أن المباحات تصير طاعات بالنية الصادقة) [4].
ومن ذلك يتضح: (أن الدين كله داخل في العبادة، والدين منهج الله جاء ليسع الحياة كلها، وينظم جميع أمورها من أدب الأكل والشرب وقضاء الحاجة، إلى بناء الدولة، وسياسة المال، وشؤون المعاملات والعقوبات، وأصول العلاقات الدولية في السلم والحرب.
إن الشعائر التعبدية من صلاة، وصوم، وزكاة لها أهميتها ومكانتها؛ ولكنها ليست العبادة كلها، بل هي جزء من العبادة التي يريدها الله تعالى.
إن مقتضى العبادة المطالب بها الإنسان، أن يجعل المسلم أقواله وأفعاله وتصرفاته [1] مجموع الفتاوى (29/ 116 - 117). [2] انظر: حقيقة البدعة وأحكامها للغامدي (1/ 19). [3] رواه مسلم، كتاب الزكاة، باب أن اسم الصدقة يقع على كل نوع من المعروف (1/ 697). [4] شرح النووي مع مسلم، كتاب الزكاة، باب كل نوع من المعروف صدقة (7/ 92).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 399