responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 446
فالإنسان كما صورة القرآن مخلوق مركب فيه العقل، وفيه الشهوة، فيه غريزة الحيوان، وروحانية الملاك، قد هدى للنجدين، وتهيأ بفطرته لسلوك السلبين، وإما شاكرا وإما كفورا، فيه استعداد للفجور استعداده للتقوى، ومهمته جهاد نفسه ورياضيتها حتى تتزكي: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا *وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) [الشمس: 7 - 10].
والقرآن وسط في نظرته إلى حقيقة الإنسان بين النحل والمذاهب التي تقوم على اعتباره روحا علويا سجن في جسد أرضى، ولا يصفوا هذا الروح ولا يسمو إلا بتعذيب الإنسان جسدًا محضا، وكيانا ماديا صرفا لا يسكنه روح علوي، ولا يختص بأي نغمة سماوية.
أما الإنسان في القرآن فهو روح ومادة، لأن الله خلق الإنسان من تراب أو طين أو صلصال وكلها تشير إلى الأصل المادي لبدن الإنسان، ثم أودع الله في هذه الآية شيئا آخر، هو سر تميز الإنسان، ومنبع كرامته.
قال تعالى: (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) [الحجر: 29].
والقرآن وسط في النظرة إلى الحياة بين الذين أنكروا الآخرة واعتبروا هذه الحياة الدنيا هي كل شيء، هي البداية والنهاية: (وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) [الأنعام: 29].
وبهذا غرقوا في الشهوات وعبدوا أنفسهم للماديات، ولم يعرفوا غرضا يسعون له غير المنافع الفردية الدنيوية الفانية، وهذا شأن الماديين في كل مكان وزمان، وبين الذين رفضوا هذه الحياة، وألغوا اعتبارها من وجودهم واعتبروها شرا يجب محاربته والتخلص منه، فحرموا على أنفسهم طيباتها؛ وزينتها، وفرضوا عليها الابتعاد عن أهلها، والانقطاع عن عمارتها والإنتاج لها.
فالقرآن اعتبر الحياتين، وجمع بين الحسنيين، وجعل الدنيا مزرعة للآخرة، والعمل في عمارتها عبادة لله، وأداء لرسالة الإنسان، وينكر على غلاة

نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد    جلد : 1  صفحه : 446
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست