نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 73
الوجه الثاني: أنها أمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر:
وهذا من أعظم ما كانت به هذه الأمة خير أمة أخرجت الناس، فهو من أظهر خصائصها، وأبرز ما تتميز به عن سائر الأمم، ولذلك قدمهما الله -عز وجل- في الذكر على الإيمان به تعالى، مع كونه -أي الإيمان- متقدما عليهما في الوجود والرتبة، فقال: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ) [آل عمران: 110]، وقد أمر الله هذه الأمة بأن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وأن يكون فيها من يقوم بذلك فقال -عز وجل-: (وَلْتَكُن مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [آل عمران: 104]، كما أوجب النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك على أمته على حسب الاستطاعة وهي مراتب فقال: "من رأي منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" [1].
قال الإمام النووي -رحمه الله-: وأما قوله -صلى الله عليه وسلم- "فليغره" فهو أمر إيجاب بإجماع الأمة، وقد تطابق على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الكتاب والسنة وإجماع الأمة، وهو أيضًا من النصيحة التي هي الدين، ولم يخالف في ذلك إلا بعض الرافضة، ولا يعتد بخلافهم .. ثم إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية إذا قام هـ بعض الناس سقط الحرج عن الباقين، وإذا تركه الجميع أثم كل من تمكن منه بلا عذر ولا خوف [2].
ولما كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بهذه المثابة، عدهما كثير من السلف شرطا في استحقاق الخيرية المشار إليها في الآية مع الإيمان بالله -عز وجل-، كما روى ابن جرير -رحمه الله-: بسنده عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، أنه في حجة حجها قرأ هذه الآية: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) الآية، ثم قال: يا أيها الناس من سره أن يكون من تلك الأمة ليؤد شرط الله منها [3]، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. [1] أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب النهي عن المنكر (1/ 69، رقم 49). [2] شرح النووي مع مسلم كتاب الإيمان، باب وجوب الأمر بالمعروف (2/ 22 - 23). [3] انظر: تفسير الطبري (7/ 102).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 73