نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 76
من أجل ذلك كانت هذه الأمة خير الأمم للناس، لأنها تدعوهم إلى الخير، ولا ترجو منهم ثمنا له، بل تجاهد من يحول بينها وبين تبليغ عباد الله دين الله، حتى يخلي بينهم وبينه، ثم بعد ذلك من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، إذا تبين للناس الرشد من الغي كما قال تعالى: (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) [البقرة: 256]، (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا) [الكهف: 29].
لكن هذه الأمة بما أوتيت من حب الخير للغير، تكره للناس أن ينتهوا إلى هذا المصير الرهيب، وتجهد نفسها - في غير من ولا أذى- في سبيل أن تحول بينهم وبينه، إن أمة تحمل للبشرية كل هذا الخير، غير مبالية بما يلقى من عنت وتعب ونصب، بما في ذلك القتل والقتال، وفراق المال والعيال، لهي بحق خليقة بأن تكون: (خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) لأنها تسعى لنفعهم وهدايتهم وإنقاذهم من العذاب والعقاب الذي ينتظرهم.
يقول الصحابي الجليل أبو هريرة -رضي الله عنه- في هذا المعني: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) قال: خير الناس للناس، تأتون بهم السلاسل في أعناقهم حتى يدخلون في الإسلام [1]، وكذا قال غير واحد من السلف كابن عباس [2] ومجاهد، وعكرمة وغيرهم [3].
الوجه الرابع: كونهم أكثر الناس استجابة للأنبياء:
أشار إلى هذا الوجه الإمام ابن جرير -رحمه الله-: بقوله: (وقال آخرون إنما قيل: () لأنهم أكثرهم الأمم استجابة للإسلام، ثم روى [1] أخرجه البخاري: كتاب تفسير، باب (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) (8/ 22)، رقم الحديث (4557) موقوفا. [2] انظر: الدر المنثور، للسيوطي، (4/ 294). [3] انظر: تفسير ابن كثير (2/ 77).
نام کتاب : الوسطية في القرآن الكريم نویسنده : الصلابي، علي محمد جلد : 1 صفحه : 76