نام کتاب : الوحي المحمدي نویسنده : رشيد رضا، محمد جلد : 1 صفحه : 155
«(الحجة الرابعة): قالوا لو جاز ظهور خوارق العادات على أيدى الصالحين لما أمكن أن يستدل على نبوة الأنبياء بظهورها على أيديهم لجواز أن تظهر على يد الولى سرا فإن من أصول معظم جماعتكم أنّ الأولياء لا يظهرون الكرامات ولا يدعون بها وإنما تظهر سرا وراء ستور ويتخصص بالاطلاع عليها آحاد الناس ويكون ظهورها سرا مستمرا بحيث لا يلتحق بحكم المعتاد، فإذا ظهر نبى وتحدّى بمعجزة جاز أن تكون مما اعتاده أولياء عصره من الكرامات فلا يتحقّق فى حقه خرق العادة، فكيف السبيل إلى تصديقه مع عدم تحقق خرق العوائد فى حقه؟ وأيضا تكرر الكرامة يلحقها بالمعتاد فى حق الأولياء وذلك بصدهم عن تصحيح النظر فى المعجزة إذا ظهر نبى فى زمنهم».
وقال فى الجواب: «لأئمتنا وجهان؛ الأول: منع توالى الكرامات واستمرارها حتى تصير فى حكم العوائد، وإنما يجوز ظهورها على وجه لا تصير عادة فلا يلزم ما ذكروه، والثانى:
وهو لمعظم أئمتنا قالوا: إنه يجوز توالى الكرامات على وجه الاختفاء بحيث لا يظهر ولا يشيع ولا يعتاد لئلا تخرج الكرامات عن كونها كرامات» أ. هـ.
وأقول: إن المحققين من الصوفية يوافقون علماء الكلام والأصول على منع توالى الكرامات وتكرارها، ومنع إظهارها.
قال الشيخ محيى الدين بن عربى: إن ما يتكرر لا يكون كرامة لأنه يكون عادة وإنما الكرامة من خوارق العادات.
وقال الشيخ أحمد رفاعى: إنّ الأولياء يستترون من الكرامة كما تستتر المرأة من دم المحيض، وصرحوا بأنها ليست بشرط للولاية ولا دليل عليها.
جهل هذا الأصل المحكم من عقائد الإسلام أدعياء العلم من سدنة القبور والمعبودة وغيرهم، فظنوا أنّ المعجزات والكرامات أمور كسبية كالصناعات العادية، وأن الأنبياء والصالحين يفعلونها باختيارهم فى حياتهم وبعد مماتهم متى شاءوا، ويغرون [1] الناس بإتيان قبورهم ولو بشد الرحال إليها، لدعائهم والاستغاثة بهم عندها ليدفعوا أو يرفعوا عنهم نزول البلاء والشدائد التى يعجزون عن دفعها بكسبهم وكسب أمثالهم من البشر بالأسباب العادية- كالأطباء مثلا- ويتقرّبون إليهم بالنذور والقرابين كما كان المشركون يتقربون إلى [1] من الإغراء، أى: يحضونهم على ذلك ويرغبونهم فيه.
نام کتاب : الوحي المحمدي نویسنده : رشيد رضا، محمد جلد : 1 صفحه : 155