نام کتاب : القرآن الكريم في مواجهة الجاهلية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 162
لأنه من عزته كان لا يأوي بواديه من يملك حرية في جواره. فكلهم أحرار في حكم العبيد .. » (1)
وكان الإسلام قد التقطهم من سفح الجاهلية في التقاليد والعادات والأخلاق والصلات الاجتماعية .. كان قد التقطهم من سفح البنت الموءودة، والمرأة المنكودة، والخمر والقمار والعلاقات الجنسية الفوضوية، والتبرج والاختلاط مع احتقار المرأة ومهانتها، والثارات والغارات والنهب والسلب، مع تفرق الكلمة وضعف الحيلة أمام أي هجوم خارجي جدي، كالذي حدث في عام الفيل من هجوم الأحباش على الكعبة، وتخاذل وخذلان القبائل كلها، هذه القبائل التي كان بأسها بينها شديدا! (2)
وكان الإسلام قد أنشأ منهم أمة تطل من القمة السامقة على البشرية كلها في السفح، في كل جانب من جوانب الحياة. في جيل واحد. عرف السفح وعرف القمة. عرف الجاهلية وعرف الإسلام. ومن ثم كانوا يتذوقون ويدركون معنى قول اللّه لهم: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي، وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً» ..
ويقف المؤمن ثالثا: أمام ارتضاء اللّه الإسلام دينا للذين آمنوا .. يقف أمام رعاية اللّه - سبحانه - وعنايته بهذه الأمة، حتى ليختار لها دينها ويرتضيه .. وهو تعبير يشي بحب اللّه لهذه الأمة ورضاه عنها، حتى ليختار لها منهج حياتها ..
وإن هذه الكلمات الهائلة لتلقي على عاتق هذه الأمة عبئا ثقيلا، يكافىء هذه الرعاية الجليلة .. أستغفر اللّه .. فما يكافىء هذه الرعاية الجليلة من الملك الجليل شيء تملك هذه الأمة بكل أجيالها أن تقدمه .. وإنما هو جهد الطاقة في شكر النعمة، ومعرفة المنعم .. وإنما هو إدراك الواجب ثم القيام بما يستطاع منه، وطلب المغفرة والتجاوز عن التقصير والقصور فيه.
إن ارتضاء اللّه الإسلام دينا لهذه الأمة، ليقتضي منها ابتداء أن تدرك قيمة هذا الاختيار. ثم تحرص على الاستقامة على هذا الدين جهد ما في الطاقة من وسع واقتدار .. وإلا فما أنكد
(1) - من كتاب: «حقائق الإسلام وأباطيل خصومه» للأستاذ العقاد ص 150 ص 151
(2) - يراجع تفسير سورة الفيل في الجزء الثلاثين من الظلال وكذلك الجزء الرابع من ص 501 - ص 513.
نام کتاب : القرآن الكريم في مواجهة الجاهلية نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 162