نام کتاب : العصبة المؤمنة بين عناية الرحمن ومكر الشيطان نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 153
والصورة التي يرسمها للعصبة المختارة هنا، صورة واضحة السمات قوية الملامح، وضيئة جذابة حبيبة للقلوب: «فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ» ..
فالحب والرضى المتبادل هو الصلة بينهم وبين ربهم .. الحب .. هذا الروح الساري اللطيف الرفاف المشرق لرائق البشوش .. هو الذي يربط القوم بربهم الودود.
وحب اللّه لعبد من عبيده، أمر لا يقدر على إدراك قيمته إلا من يعرف اللّه - سبحانه - بصفاته كما وصف نفسه، وإلا من وجد إيقاع هذه الصفات في حسه ونفسه وشعوره وكينونته كلها .. أجل لا يقدر حقيقة هذا العطاء إلا الذي يعرف حقيقة المعطي .. الذي يعرف من هو اللّه .. من هو صانع هذا الكون الهائل، وصانع الإنسان الذي يلخص الكون وهو جرم صغير! من هو في عظمته. ومن هو في قدرته. ومن هو في تفرده. ومن هو في ملكوته .. من هو ومن هذا العبد الذي يتفضل اللّه عليه منه بالحب .. والعبد من صنع يديه - سبحانه - وهو الجليل العظيم، الحي الدائم، الأزلي الأبدي، الأول والآخر والظاهر والباطن. وحب العبد لربه نعمة لهذا العبد لا يدركها كذلك إلا من ذاقها .. وإذا كان حب اللّه لعبد من عبيده أمرا هائلا عظيما، وفضلا غامرا جزيلا، فإن إنعام اللّه على العبد بهدايته لحبه وتعريفه هذا المذاق الجميل الفريد، الذي لا نظير له في مذاقات الحب كلها ولا شبيه .. هو إنعام هائل عظيم .. وفضل غامر جزيل.
وإذا كان حب اللّه لعبد من عبيده أمرا فوق التعبير أن يصفه، فإن حب العبد لربه أمر قلما استطاعت العبارة أن تصوره إلا في فلتات قليلة من كلام المحبين .. وهذا هو الباب الذي تفوق فيه الواصلون من رجال التصوف الصادقين - وهم قليل من بين ذلك الحشد الذي يلبس مسوح التصوف ويعرف في سجلهم الطويل - ولا زالت أبيات رابعة العدوية تنقل إلى حسي مذاقها الصادق لهذا الحب الفريد، وهي تقول ([1]):
فليتك تحلو والحياة مريرة ... و ليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر ... و بيني وبين العالمين خراب [1] - الأبيات نسبت لشعراء عدة انظر: جميع دواوين الشعر العربى على مر العصور ـ محتويات موقع أدب - (77/ 246) وجميع دواوين الشعر العربى على مر العصور ـ محتويات موقع أدب - (79/ 104) وزهر الأكم في الأمثال و الحكم - (1/ 98) ونفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب - (2/ 611)
نام کتاب : العصبة المؤمنة بين عناية الرحمن ومكر الشيطان نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 153