نام کتاب : العصبة المؤمنة بين عناية الرحمن ومكر الشيطان نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 254
ثم هذه الحالة النفسية التي صاحبت الموقف ووسوس بها الشيطان! حالة التحرج من أداء الصلاة على غير طهر لعدم وجود الماء (ولم يكن قد رخص لهم بعد في التيمم، فقد جاء هذا متأخرا في غزوة بني المصطلق في السنة الخامسة). وهنا تثور الهواجس والوساوس، ويدخل الشيطان من باب الإيمان ليزيد حرج النفوس ووجل القلوب! والنفوس التي تدخل المعركة في مثل هذا الحرج وفي مثل هذا القلق تدخلها مزعزعة مهزومة من داخلها .. وهنا يجيء المدد وتجيء النجدة ..
«وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ، وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ، وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ، وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ» ..
ويتم المدد الروحي بالمدد المادي وتسكن القلوب بوجود الماء، وتطمئن الأرواح بالطهارة وتثبت الأقدام بثبات الأرض وتماسك الرمال.
ذلك إلى ما أوحى اللّه به إلى الملائكة من تثبيت الذين آمنوا وإلى ما وعد به من إلقاء الرعب في قلوب الذين كفروا وإلى ما أمر به الملائكة من الاشتراك الفعلي في المعركة: «إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ، فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا، سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ، فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ، وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ» ..
إنه الأمر الهائل. إنها معية اللّه سبحانه للملائكة في المعركة واشتراك الملائكة فيها مع العصبة المؤمنة.
هذا هو الأمر الذي لا يجوز أن يشغلنا عنه أن نبحث: كيف اشتركت الملائكة؟ ولا كم قتيلا قتلت؟ ولا كيف قتلت؟ ... إن الحقيقة الكبيرة الهائلة في الموقف هي تلك الحقيقة .. إن حركة العصبة المؤمنة في الأرض بهذا الدين أمر هائل عظيم .. أمر يستحق معية اللّه لملائكته في المعركة، واشتراك الملائكة فيها مع العصبة المؤمنة!
إننا نؤمن بوجود خلق من خلق اللّه اسمهم الملائكة ولكنا لا ندرك من طبيعتهم إلا ما أخبرنا به خالقهم عنهم. فلا نملك من إدراك الكيفية التي اشتركوا بها في نصر المسلمين يوم بدر إلا بمقدار ما يقرره النص القرآني .. وقد أوحى إليهم ربهم: أني معكم. وأمرهم أن يثبتوا الذين آمنوا، ففعلوا - لأنهم يفعلون ما يؤمرون - ولكننا لا ندري كيف فعلوا.
نام کتاب : العصبة المؤمنة بين عناية الرحمن ومكر الشيطان نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 254