نام کتاب : العصبة المؤمنة بين عناية الرحمن ومكر الشيطان نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 267
آواها اللّه بدينه هذا وأعزها ورزقها رزقا طيبا .. فلا تقعد إذن عن الحياة التي يدعوها إليها رسول اللّه. ولا عن تكاليف هذه الحياة، التي أعزها بها اللّه، وأعطاها وحماها: «وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ، تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآواكُمْ، وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ، وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» .. اذكروا هذا لتستيقنوا أن الرسول يدعوكم لما يحييكم واذكروه كي لا تقعدوا عن مكافحة الظلم في كل صوره وأشكاله .. اذكروا أيام الضعف والخوف، قبل أن يوجهكم اللّه إلى قتال المشركين، وقبل أن يدعوكم الرسول إلى الطائفة ذاتالشوكة وأنتم كارهون .. ثم انظروا كيف صرتم بعد الدعوة المحيية التي انقلبتم بها أعزاء منصورين مأجورين مرزوقين. يرزقكم اللّه من الطيبات ليؤهلكم لشكره فتؤجروا على شكركم لفضله! ويرسم التعبير مشهدا حيا للقلة والضعف والقلق والخوف: «تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ» ..
وهو مشهد التربص الوجل، والترقب الفزع، حتى لتكاد العين تبصر بالسمات الخائفة، والحركات المفزّعة، والعيون الزائغة .. والأيدي تمتد للتخطف والقلة المسلمة في ارتقاب وتوجس!
ومن هذا المشهد المفزع إلى الأمن والقوة والنصر والرزق الطيب والمتاع الكريم، في ظل اللّه الذي آواهم إلى حماه: «فَآواكُمْ، وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ، وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ» ..
وفي ظل توجيه اللّه لهم ليشكروا فيؤجروا: «لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ» ..
فمن ذا الذي يتأمل هذه النقلة البعيدة، ثم لا يستجيب لصوت الحياة الآمنة القوية الغنية .. صوت الرسول الأمين الكريم .. ثم من ذا الذي لا يشكر اللّه على إيوائه ونصره وآلائه وهذا المشهد وذلك معروضان عليه، ولكل منهما إيقاعه وإيحاؤه؟
على أن القوم إنما كانوا يعيشون هذا المشهد وذاك .. كانوا يذكرون بما يعرفون من حالهم في ماضيهم وحاضرهم .. ومن ثم كان لهذا القرآن في حسهم ذلك المذاق ..
والعصبة المؤمنة التي تجاهد اليوم لإعادة إنشاء هذا الدين في واقع الأرض وفي حياة الناس قد لا تكون قد مرت بالمرحلتين، ولا تذوقت المذاقين .. ولكن هذا القرآن يهتف لها بهذه الحقيقة كذلك. ولئن كانت اليوم إنما تعيش في قوله تعالى: «إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي
نام کتاب : العصبة المؤمنة بين عناية الرحمن ومكر الشيطان نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 267