نام کتاب : العصبة المؤمنة بين عناية الرحمن ومكر الشيطان نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 69
وعلم اللّه - سبحانه - أن لا بد للخير والحق والاستقامة والالتزام أن تدفع عن نفسها وأن تخوض المعركة الحتمية مع الشر والباطل والفسق والانحراف. وأنها معركة لا خيار فيها، ولا يملك الحق ألا يخوضها في وجه الباطل. لأن الباطل سيهاجمه، ولا يملك الخير أن يتجنبها لأن الشر لا بد سيحاول سحقه ..
وغفلة - أي غفلة - أن يظن أصحاب الحق والخير والاستقامة والالتزام أنهم متروكون من الباطل والشر والفسق والانحراف وأنهم يملكون تجنب المعركة وأنه يمكن أن تقوم هناك مصالحة أو مهادنة! وخير لهم أن يستعدوا للمعركة المحتومة بالوعي والعدة من أن يستسلموا للوهم والخديعة .. وهم يومئذ مأكولون مأكولون!
ثم نمضي مع السياق القرآني في توجيه اللّه - سبحانه - لرسوله - صلى الله عليه وسلم - لمواجهة أهل الكتاب، بعد تقرير بواعثهم واستنكار هذه البواعث في النقمة على المسلمين .. فإذا هو يجبههم بتاريخ لهم قديم، وشأن لهم مع ربهم، وعقاب أليم: «قُلْ: هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ؟ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ، وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ، وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ. أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً، وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ!» وهنا تطالعنا سحنة يهود، وتاريخ يهود! إنهم هم الذين لعنهم اللّه وغضب عليهم، وجعل منهم القردة والخنازير. إنهم هم الذين عبدوا الطاغوت ..
وقصة لعنة اللّه لهم وغضبه عليهم واردة في مواضع شتى من القرآن الكريم وكذلك قصة جعله منهم القردة والخنازير .. فأما قضية عبادتهم للطاغوت، فتحتاج إلى بيان هنا، لأنها لفتة ذات دلالة خاصة في سياق هذه السورة ..
إن الطاغوت هو كل سلطان لا يستمد من سلطان اللّه، وكل حكم لا يقوم على شريعة اللّه، وكل عدوان يتجاوز الحق .. والعدوان على سلطان اللّه وألوهيته وحاكميته هو أشنع العدوان وأشده طغيانا، وأدخله في معنى الطاغوت لفظا ومعنى ..
وأهل الكتاب لم يعبدوا الأحبار والرهبان ولكن اتبعوا شرعهم وتركوا شريعة اللّه. فسماهم اللّه عبادا لهم وسماهم مشركين .. وهذه اللفتة هنا ملحوظ فيها ذلك المعنى الدقيق. فهم عبدوا الطاغوت .. أي السلطات الطاغية المتجاوزة لحقها .. وهم لم يعبدوها
نام کتاب : العصبة المؤمنة بين عناية الرحمن ومكر الشيطان نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 69