نام کتاب : الصراع الفكري في البلاد المستعمرة نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 103
فهي بصفتها فكرة، تكوّن في حد ذاتها حالة جديرة بالاهتمام في دراسة كهذه، لأنها تكشف لنا جانباً من الصراع الفكري لم نقف عنده في الفصول السابقة، إذ أننا لم نتناول الموضوع حتى الآن، إلا من جانب سلبي، أي إننا تعرضنا إلى الحالات التي تكشف لنا، كيف يرسم الاستعمار خطته كي يحطم أفكاراً معينة، أو كيف يسد أمامها الطريق حتى لا يتركها تصل إلى وعي الجماهير.
أما الحالة التي نتناولها هنا فإنها تكشف لنا عن جانب إيجابي، أي تكشف لنا هذه المرة، كيف يخلق الاستعمار الأفكار المناسبة لمصالحه، وكيف يغذيها في وعي الجماهير، ويروجها في أسواق السياسة العاطفية.
إن فكرة باكستان من هذا الإنتاج: فكيف استطاع الاستعمار أن يحقن بها ضمير المسلمين؟.
إنه من الواضح أن القضية تتصل بجوانب الضعف في هذا الضمير، أي بمجموعة الاستعدادات التي أطلقنا عليها، في دراسة أخرى، القابلية للاستعمار، كما تتصل من ناحية ثانية، بفن الاستعمار في خلق الأسطورة.
فربما أعطانا عرض هذه القضية على أنها مجرد حادث من حوادث التاريخ السياسي في القرن العشرين فرصة لإضافة بعض الملاحظات للموضوع، لأن خلق فكرة باكستان من أهم الحوادث السياسية التي تتجلى فيها جوانب ضعفنا وفنية الاستعمار.
لسنا في حاجة إلى أن نتناول أصول الفكرة البعيدة التي تمتد إلى حوالي سنة 1906، حينما أعلنت مراصد الاستعمار الإنجليزي ظهور فكرة جديدة في أفق السياسة الإمبراطورية في ذلك العهد، تلك الفكرة التي كانت تتمثل في صورة جبهة وطنية معادية للاستعمار، تكونت في الهند على يد الزعماء الذين كانوا يخوضون المعارك التحريرية الأولى مثل متيلال نهرو، والد رئيس الحكومة الهندية السابق.
نام کتاب : الصراع الفكري في البلاد المستعمرة نویسنده : مالك بن نبي جلد : 1 صفحه : 103