responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الصراع الفكري في البلاد المستعمرة نویسنده : مالك بن نبي    جلد : 1  صفحه : 24
وقد تكون الأولى نوعاً مطوراً من الثانية، كما يمكن أن تكون الأخيرة صورة منحطة من الأولى. ولكل صنف منهما اعتباراته الخاصة به، طبقاً لجذوره وفروعه النفسية.
فالسياسة التي تتطور تبعاً لـ (أفكار مجردة) تعانق بحكم الضرورة الضمير الشعبي، ومن ناحية أخرى فإنها تلتزم المبادئ والمقاييس والقواعد التي تتحكم في سيرها، فإنها بذلك تحمل في طبيعتها مبدأ التعديل الذاتي الذي يفرض عليها رقابة من نفسها، معدلاً بذلك حركتها واتجاهها عند الحاجة.
وكل حركة من حركاتها تتطلبكأي عملية حسابية، تعقيباً على نتيجتها، وتصحيحاً تابعاً لها، فإن السياسة المقعدة تراجع دائما نتائجها.
وهذه المراجعة تحميها من تدخل أي عامل أجنبي يحاول تغيير مجراها ومرساها، لأنها تكون جهازاً معدلاً يطلق إشارة الخطر كلما حدث في الطريق أي حدث من شأنه أن يغير في الحركة أو في الاتجاه.
ولقد لخص بعض الساسة هذه الاعتبارات كلها، أو أنها تلخصت تلقائياً، في ذهنه حينما صرح منذ عامين، قائلاً ((إن سياستنا لا تخطئ لأنها علم)).
فبقدر ما نتصور أن العلم لا يخطئ، فإن هذا السياسي يكون محقاً في وجهة نظره.
أما في البلاد التي لم تبلغ درجة معينة من التطور أو التي سببت لها بعض الظروف وعواصف التاريخ، نكسة في التطور وحركة تقهقر شامل، كما حدث لألمانيا في عهد هتلر، فإن الفكرة المجردة تحل في شخص لتنشئ صورة سياسية خاصة، وهذه بحكم شذوذها عن مقاييس العقل، تتشبث بفرد تتجسد في ذاته فتتطور وتنمو وتنتظم طبقاً لمصالحه الشخصية انتظاماً تصبح معه هذه المصالح تلقائياً، هي المسوغات والدوافع والمقاييس لسياسة عاطفية.

نام کتاب : الصراع الفكري في البلاد المستعمرة نویسنده : مالك بن نبي    جلد : 1  صفحه : 24
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست