responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الصراع الفكري في البلاد المستعمرة نویسنده : مالك بن نبي    جلد : 1  صفحه : 26
ولا يغيب عن نظرنا أن السياسة لا تحيد، ولا يمكن لأي محاولة أن تحيدها عن الطريق، طالما بقيت دوافعها في ضمير يعي، وفي عقل يدرك، وفي قلب يشعر، أو بعبارة أخرى طالما كانت دوافعها متصلة بالأفكار.
أما إذا كانت دوافعها ناشئة عن آلية جهاز هضم، فإن الاستعمار يستطيع أن يتصرف في رغبات ذلك الجهاز، أي في شهوات (مركب أفراد) لتبقى البلاد المستعمَرة تحت تصرفه سياسياً واقتصادياً.
والأمثال التي تدل على هذه الحالات كثيرة في البلاد الإفريقية- الآسيوية، إننا نرى- مثلاً- مصر تواصل تنميتها الاقتصادية [1]، على الرغم من الضغط الماحق المسلط على اقتصادها من الخارج منذ عامين، أي منذ تطبيق مشروع أيزنهاور المشهور، بينما ترى في بلاد إفريقية آسيو ية أخرى، النشاط الاقتصادي معطلاً على الرغم من حقنه بالدولارات أكثر من مرة، لأن سياسة تلك البلاد لا تخضع لسلطة ضمير وعقل وقلب، أي لسلطة أفكار ولكنها تخضع لشهوات أمعاء.
فالأمعاء التي ركب عليها الاستعمار الرؤوس الحاكمة تعطل النشاط الطبيعي في الوطن.
وحينما نتكلم عن هذا الكائن الغريب، فإننا لا نتحدث عن وحش من عصور ما قبل التاريخ، بل عن حيوان معاصر لنا: إنه كائن أميبي تتصرف دوافعه الهضمية في سياسات بدائية.
وكل ما يقتضيه الإتقان من دقة تركيب هذا الجهاز الغريب، هو أن تؤدي شهواته وظيفة سياسية في البلاد المستعمَرة، وقد بينا أن الاستعمار يتقن جداً هذا

[1] حرر هذا الفصل قبل تأسيس الجمهورية العربية المتحدة.
نام کتاب : الصراع الفكري في البلاد المستعمرة نویسنده : مالك بن نبي    جلد : 1  صفحه : 26
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست