نام کتاب : الشبهات التي أثيرت حول دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب نویسنده : الخطيب، عبد الكريم جلد : 1 صفحه : 137
الأمر هنا يقتضينا أن نبسط القول فيه، ليكون درسا نافعا لدعاة الخير، وعظة بالغة لمن يحملون أمانة الدعوة إلى الله، وطريقا مستقيما واضحا لأنصار الحق المجاهدين في سبيل الله، وما يلقون من سفاهة السفهاء وجهالة الجاهلين وحسد الحاسدين، حتى يوطن الداعي إلى الله نفسه من أول الأمر على مواجهة العواصف العاتية المزمجرة، وأنه في مواجهة امتحان قاس مرير امتحن به أنبياء الله ورسله ودعاة الحق من بعدهم. فإن وجد الداعي من نفسه القدرة على الوفاء بحق الدعوة واحتمال الآلام في سبيلها، أخذ طريقه إلى الله غير عابئ بما يلقاه من شدائد وأهوال، ولو كان الاستشهاد في موقف الجهاد.. وإلا صرف نفسه عن هذا الموقف ليقفه رجل أو رجال ممن هم أهل لهذا الموقف العظيم الكريم، ولن يخلو مجتمع المسلمين أبدا ممن يدعوا إلى دين الله، ويجدد للأمة الإسلامية دينها، إذا عرضت له العوارض، وتداعت عليه البدع والضلالات. أما من يدخل هذا الميدان -ميدان الدعوة إلى الله، ومواجهة أعداء الله وأعداء دينه، دون أن يستوثق من نفسه، ويمتحن بلاءه وقوة صبره واحتماله، فإنه يضر ولا ينفع، حين يكون ممسكا براية الحق ثم يدعها تسقط من يده لأول صدمة يصدم بها أو يفر من الميدان عند أول مواجهة، فإن ذلك مما يقيم به شهادة باطلة على فرار الحق أمام الباطل، والذي فر في الحقيقة ليس هو الحق، وإنما ذلك الذي حمل راية الحق، وهو ليس أهلا لحملها.. وهذا ما يشير إليه. قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [1].إن هذا الذي ولى دبره فارا من المعركة، جبنا وخوفا، هو راية هزيمة تستدعي إليها غيره ممن كانوا في ميدان المعركة، حيث يرون في هذا الفار ما يخيل إليهم منه أنه رأى الدائرة تدور على المسلمين، فكان منه هذا الموقف الذي قد يؤدي إلى هزيمة المسلمين فعلا، ولهذا توعده الله تعالى بغضبه في الدنيا وبالنار مأواه في الآخرة! [1] سورة الأنفال آية: 15-16.
نام کتاب : الشبهات التي أثيرت حول دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب نویسنده : الخطيب، عبد الكريم جلد : 1 صفحه : 137