وعند هؤلاء أن كل هذه الأقوال صواب يجوز للمسلم أن يأخذ رأياً منها وأن يعمل به.
وبين الفئة الأولى التي وقفت عند النصوص فقط بلا فهم ولا وعي لمتطلبات تطبيقها والتي جعلت أبواب الدين كلها باباً واحداً لا يجوز الزيادة فيه والاجتهاد وبين الفئة الثانية التي جعلت كل رأي صدر من عالم ما يجوز العمل به. أقول: بين هاتين الفئتين قامت المعارك الكلامية والمناقشات واستخدمت الآيات والأحاديث وأولت تأويلاً بعيداً وشغل المسلمون وما زالوا مشغولين. . وقد غاب عن هؤلاء وهؤلاء بعض القواعد والموازين التي تضع الحق في نصابه، وهذه القواعد تتلخص في وجوب التفريق بين الثابت والمتغير من أمور الدين وهاك هذه القواعد: أولاً: الله سبحانه وتعالى هو الحق وكل ما صدر عنه من خبر فهو صدق، وكل ما صدر عنه من حكم فهو عدل كما قال تعالى: {وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً} (الأنعام: 115) ، و " كلمة " مفرد مضاف إلى معرفة فتعم أي كلمات، و " صدقاً " أي في الأخبار و " عدلاً " أي في الأحكام. فالكتاب الموحى به للنبي صلى الله عليه وسلم والسنة الموحى بها إليه أيضاً كلها حق. ومن ظن غير ذلك فقد كفر، وهذه أول الثوابت.