responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي نویسنده : الخالدي، مصطفى    جلد : 1  صفحه : 158
صليبية جديدة في بلد مسلم. ولما أراد بعض الشباب التونسيون أن يحتجوا على هذه الأعمال المنافية لكل ذوق، فوق ما فيها مِنْ تَحَدًّ للشعور الديني والقومي والإنساني، لم تتورع فرنسا عن أن تقبض على هؤلاء وتزجهم في السجون لتتيح للمؤتمر الأفخارستي أن ينعقد بكل صخب استعماري في جو من الهدوء [1].

هذا المقطع الناري ليس لنا نَحْنُ المُؤَلِّفِينَ المُسْلِمِينَ [العُرُوبِيِّينَ] بل هو لرجل فرنس مسيحي كما ترى في الحاشية.

وما دمنا نتكلم على تونس في شمال أفريقيا فلنقل كلمة على الظهير البربري [2].
في الوقت الذي كان المؤتمر الأفخارستي ينعقد في تونس، كانت فرنسا تقوم في مراكش بعمل مماثل من حيث النتائج الدينية الاستعمارية:
في 15 أيار عام 1930 أجبرت فرنسا سلطان مراكش الشاب على أن يصدر ظهيرًا (مَرْسُومًا) ينص على أن يكون للقبائل المراكشية التي هي من أصل بربري نظام قضائي خاص، أو على الأصح نظام شرعي خاص، فلا تسري عليهم قوانين الشرع الإسلامي بل قواعد العرف العشائري البربري.

وكان من الطبيعي أن يثور المراكشيون كلهم على ذلك، فمشى العرب والبربر وسكان المدن وسكان القرى والبوادي على السواء مشية الرجل الواحد احتجاجًا على هذا الافتراء وعلى هذا التفريق في الشرع بين المسلمين أنفسهم.

إن المظالم التي ترتكبها فرنسا في المغرب باسم الحرية [3] لهي أكثر من أن تذكر. ثم هي تستوحي الفاتيكان (مَقَرُّ بَابَا رُومِيَّةَ) سياستها الدينية لتثبت بها أقدامها في مستعمراتها. وهذا يقضي عليها بأن تعاضد الرهبان والمبشرين في حملتهم على كل بلد مستقل وعلى المسلمين خصوصًا.

وهكذا نرى بكل وضوح أن الإرساليات الدينية كانت دائمًا ستارًا لتغلغل الاستعمار في الشرق. يخبرنا (هنري جسب) [4] «أَنَّ المُبَشِّرِينَ اِسْتَغَلُّوا جُهُودَهُمْ لِخِدْمَةِ دُوَلِهِمْ وَأَذْكَوْا [نَارَ] العَدَاوَةِ فِي الذِينَ كَانُوا يُبَشِّرُونَ بَيْنَهُمْ، فَقَدْ كَانَ القَائِمْقَامْ المَارُّونِيُّ فِي لُبْنَانَ (الأَمِيرُ حَيْدَرْ أَبِي اللُّمَعِ) يَضُمُّ جُهُودَهُ إِلَى جُهُودِ البَطْرِيَرْكِ المَارُّونِيِّ وَالقُنْصُلِ الفِرَنْسِيِّ العَامَّ لِوَضْعِ لُبْنَانَ تَحْتَ نُفُوذِ الإِكْلِيرُوسْ (رِجَالُ الدِّينِ المَسِيحِيِّ) لِلْوُصُولِ إِلَى جَعْلِ جَمِيعِ الكَاثُولِيكْ فِي سُورِيَّةَ تَحْتَ نُفُوذِ فِرَنْسَا. وَكَانَ عَمَلُ (الأَمِيرِ حَيْدَرَ) يَصْدُرُ عَلَى مَا يَظْهَرُ عَنْ

[1] Jung 39 ss
[2] cf. Jung 46 ss
[3] الكلام يتناول العهد الذي سبق استقلال تونس والمغرب والجزائر.
[4] Jessup 160 - 164
نام کتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي نویسنده : الخالدي، مصطفى    جلد : 1  صفحه : 158
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست