نام کتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي نویسنده : الخالدي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 182
خاصة: كانت البابوية والبروتستانتية والصهيونية تتنافس فيما بينها في فلسطين، وكان (روتشيلد) المتمول اليهودي يساعدهم جميعًا [1].
ومع أن هذه الحركات كانت دينية في ظاهرها فإنها كانت سياسية في حقيقتها: كانت الدول الأجنبية تريد تحطيم الإمبراطورية العثمانية حتى تستيطيع بسط نفوذها على بلاد الشرق. ولقد لجأت الدول الأوروبية إلى استغلال الأقليات الطائفية في الإمبراطورية العثمانية كالأقلية اليهودية على الأخص. ثم دفعت الأقلية الأرمنية للثورة على العثمانيين مِرَارًا، لإضعاف الإدارة العثمانية في البلاد العربية [2]. من هذه السبيل كان الأوروبيون يأملون أن ينفذوا بمشاريعهم الاستعمارية إلى العرب والمسلمين.
ويبدو بوضوح من مراجع مختلفة أن الأوروبيين لم يكونوا يريدون إنشاء دولة يهودية على النحو الذي حدث الآن، ذلك لأنهم لم يكونوا يريدون أَنْ يُهَوِّدُوا فلسطين، بل كانت غايتهم الأولى أن يتخذوا اليهود فَزَّاعَةً (للعرب). وأما موافقة الدول الأوروبية على جمع اليهود في فلسطين فلا يجب أَنْ يُفْهَمَ إلا على أن هذه الدول الأوروبية قد أرادت التخلص من يهود أوروبا [3]. هذا الرأي الذي مر عليه إلى الآن نحو خمسين عامًا أو يزيد [4]. لا يزال وجيهًا عند الدول الأوروبية بوجهيه: للتخلص من اليهود في أوروبا خاصة ثم لتحطيم وحدة الشرق بوضع عدو للعرب والمسلمين في أقدس بقعة لهم على الشاطئ الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. هذا مع العلم بأن اليهود سيثيرون للعرب وللمسلمين من مركزهم القوي الجديد قلاقل سياسية واجتماعية وأخلاقية واقتصادية يتمكن بها الأوروبيون من التدخل في كل حين بين الخصمين للسيطرة عليهما جميعًا. وهكذا رأينا بأم أعيننا أن الدول الغربية كانت ترى من مصلحتها الاستعمارية أن تتساهل مع اليهود في فلسطين إلى الحد الذي وصلت إليه معهم في عام 1948. وعلى مثل هذا سار المبشرون أيضًا منذ احتلال الإنجليز لفلسطين.
نام کتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي نویسنده : الخالدي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 182