نام کتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي نویسنده : الخالدي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 187
والوطن القومي اليهودي لم يكن يعني ملجأ لليهود المضطهدين في أوروبا، كما كان يزعم الصهيونيون والسائرون في ركب الصهيونية، بل كان يعني إقامة دولة على غرار دول العصر الحديث. «فَلَمَّا اِسْتَفْهَمَ الوَزِيرُ (لاَنْسِنْغْ) [1] مِنْ (وَيْزْمَانْ) أَمَامَ المَجْلِسِ الأَعْلَى لِمُؤْتَمِرِ بَارِيسْ عَمَّا يَعْنِي تَمَامًا بِالوَطَنِ القَوْمِيِّ أَجَابَهُ بِجَوَابِهِ المَشْهُورِ: " أَنْ تُتَاحَ لَنَا الفُرْصَةُ لِنَبْنِي بِالتَّدْرِيجِ قَوْمِيَّةً فِي فِلَسْطِينَ هِي لِلْيَهُودِ بِمَقَامِ الأُمَّةِ الفِرَنْسِيَّةِ لِلْفِرَنْسِيِّينَ وَالأُمَّةَ الإِنْجْلِيزِيَّةَ لِلإِنْجْلِيزْ "» [2].
ومع كل ما يمكن أن يقال في تقصير العرب، في فلسطين وفي خارج فلسطين، فإن سياسة بريطانيا في عهد الانتداب كانت العامل الأول في إضعاف القوى العربية. إن التحسس القومي من ناحية والتحسس الديني من ناحية أخرى كانا قويين بين الشبان العرب في كل مكان، وفي فلسطين أيضًا. غير أن الانتداب - الذي كان شكلاً آخر من أشكال الاستعمار أو اسمًا آخر للاستعمار على الأصح - حاول أن يخدر هذا التحسس، وفي فلسطين خصوصًا. لَقَدْ أَلْهَتْ حكومة الانتداب نفرًا من عرب فلسطين لا يزيدون في العدد على خمسة عشر بالمائة من مجموع السكان بمناصب ذات رقابة اسمية في الحكومة المحلية [3].
ولما تطور النزاع بين العرب واليهود ولم يبق مندوحة عن الاصطدام في الحقل الداخلي وعلى الصعيد الدولي، كانت بريطانيا خاصة تلعب دورها الصهيوني من وراء ستار.
تجمع المصادر الأجنبية التي تناولت نزاع العرب واليهود في فلسطين، وخصوصًا في السنتين اللتين سبقتا التقسيم، على أن العرب كانوا ضعافًا ماديًا وعسكريًا، وعلى أن العرب [1] روبرت لانسنغ (1864 - 1928) سياسي أمريكي، تولى وزارة الخارجية في الولايات المتحدة (1915) وكان عضوًا في الوفد الأمريكي إلى مؤتمر الصلح في باريس (1918 - 1919). [2] Bible and Sword, 219 [3] cf. Mott, 65, 185
نام کتاب : التبشير والاستعمار في البلاد العربية عرض لجهود المبشرين التي ترمي إلى اخضاع الشرق للاستعمار الغربي نویسنده : الخالدي، مصطفى جلد : 1 صفحه : 187