نام کتاب : الإنسان بين العبودية لله والعبودية للعبيد نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 12
نوح عليه السلام، إلى عهد محمد خاتم النبيين - عليه الصلاة والسلام - تتكرر الدعوة بها على لسان كل رسول: «يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ» ..
وكان من العجيب أن أتباع الديانات السماوية - وهي حاسمة وصارمة في تقرير هذه الحقيقة - يكون منهم من يحرف هذه الحقيقة وينسب لله - سبحانه - البنين والبنات أو ينسب لله - سبحانه - الامتزاج مع أحد من خلقه في صورة الأقانيم اقتباسا من الوثنيات التي عاشت في الجاهليات! ألوهية وعبودية .. ولا شيء غير هذه الحقيقة. ولا قاعدة إلا هذه القاعدة. ولا صلة إلا صلة الألوهية بالعبودية، وصلة العبودية بالألوهية ..
ولا تستقيم تصورات الناس - كما لا تستقيم حياتهم - إلا بتمحيض هذه الحقيقة من كل غبش، ومن كل شبهة، ومن كل ظل! أجل لا تستقيم تصورات الناس، ولا تستقر مشاعرهم، إلا حين يستيقنون حقيقة الصلة بينهم وبين ربهم ..
هو إله لهم وهم عبيده .. هو خالق لهم وهم مخاليق .. هو مالك لهم وهم مماليك .. وهم كلهم سواء في هذه الصلة، لا بنوة لأحد. ولا امتزاج بأحد .. ومن ثمّ لا قربى لأحد إلا بشيء يملكه كل أحد ويوجه إرادته إليه فيبلغه: التقوى والعمل الصالح .. وهذا في مستطاع كل أحد أن يحاوله. فأما البنوة، وأما الامتزاج فانى بهما لكل أحد؟! ولا تستقيم حياتهم وارتباطاتهم ووظائفهم في الحياة، إلا حين تستقر في أخلادهم تلك الحقيقة: أنهم كلهم عبيد لرب واحد .. ومن ثم فموقفهم كلهم تجاه صاحب السلطان واحد .. فأما القربى إليه ففي متناول الجميع .. عندئذ تكون المساواة بين بني الإنسان، لأنهم متساوون في موقفهم من صاحب السلطان .. وعندئذ تسقط كل دعوى زائفة في الوساطة بين الله والناس وتسقط معها جميع الحقوق المدعاة لفرد أو لمجموعة أو لسلسلة من النسب لطائفة من الناس .. وبغير هذا لا تكون هناك مساواة أصيلة الجذور في حياة بني الإنسان ومجتمعهم ونظامهم ووضعهم في هذا النظام!
فالمسألة - على هذا - ليست - مسألة عقيدة وجدانية يستقر فيها القلب على هذا الأساس الركين، فحسب، إنما هي كذلك مسألة نظام حياة، وارتباطات مجتمع، وعلاقات أمم وأجيال من بني الإنسان.
نام کتاب : الإنسان بين العبودية لله والعبودية للعبيد نویسنده : الشحود، علي بن نايف جلد : 1 صفحه : 12