نام کتاب : الأنوار النعمانية في الدعوة الربانية نویسنده : محمد علي محمد إمام جلد : 1 صفحه : 72
الضيف، فهذا شاعرهم الجاهلي يفتخر بكلمة ما نستطيع أن نقولها نحنُ، يقول:
وإني لعبد الضيف مادام نازلا ... وليس لي شيمة مثلها لشيمة العبد
عبودية الخدمة لا عبودية الركوع والسجود.
فهؤلاء الذين تفاخروا بإكرام الضيف، وعُرفوا بالكرم، لسان حالهم، يقول: كل الضيفان يستحقوا الكرم، إلا هذا الضيف (محمد - صلى الله عليه وسلم - سيد البشرية جمعاء) 00وربنا - سبحانه وتعالى - شرفه بإذلال نفسه، لأن عزة النفس بإذلالها من أجل الله - سبحانه وتعالى - [1] وما يستطيع أحد أن يُعز نفسه بنفسه، فمصادر العزة منه لأنه (المعز - جل جلاله -).
معني العبودية:
هي غاية الحب مع غاية الذل .. فهل عندك قدرة علي أن تُذل نفسك ([2])؟ [1] قيل: الجنة عروس ومهرها قهر النفوس. [2] يقول ابن القيم (رحمه الله):
ومنها أن يكمل لعبده مراتب الذل والخضوع والانكسار بين يديه والافتقار إليه فإن النفس فيها مضاهاة للربوبية ولو قدرت لقالت كقول فرعون ولكنه قدر فأظهر وغيره عجز فأضمر وإنما يخلصها من هذه المضاهاة ذل العبودية وهو أربع مراتب:
المرتبة الأولى: مشتركة بين الخلق وهي ذل الحاجة والفقر إلى الله فأهل السموات والأرض جميعا محتاجون إليه فقراء إليه وهو وحده الغني عنهم وكل أهل السموات والأرض يسألونه وهو لا يسأل أحدا.
المرتبة الثانية: ذل الطاعة والعبودية وهو ذل الاختيار وهذا خاص بأهل طاعته وهو سر العبودية.
المرتبة الثالثة: ذل المحبة فإن المحب ذليل بالذات وعلى قدر محبته له يكون ذله فالمحبة أسست على الذلة للمحبوب، كما قيل:
اخضع وذل لمن تحب فليس في ... حكم الهوى أنف يشال ويعقد
وقال آخر:
=مساكين أهل الحب حتى قبورهم ... عليها تراب الذل بين المقابر
المرتبة الرابعة: ذل المعصية والجناية.=
فإذا اجتمعت هذه المراتب الأربع كان الذل لله والخضوع له أكمل وأتم إذ يذل له خوفا وخشية ومحبة وإنابة وطاعة وفقرا وفاقة، وحقيقة ذلك هو الفقر الذي يشير إليه القوم وهذا المعنى أجل من أن يسمى بالفقر بل هو لب العبودية وسرها وحصوله أنفع شيء للعبد وأحب شيء إلى الله (مدارج السالكين – باب أسرار حقيقة التوبة 1/ 228)
ويحكى عن بعض العارفين أنه قال: دخلت على الله من أبواب الطاعات كلها فما دخلت من باب إلا رأيت عليه الزحام فلم أتمكن من الدخول حتى جئت باب الذل والافتقار = فإذا هو أقرب باب إليه وأوسعه ولا مزاحم فيه ولا معوق فما هو إلا أن وضعت قدمي في عتبته فإذا هو سبحانه قد أخذ بيدي وأدخلني عليه وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه يقول: من أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية وقال بعض العارفين: لا طريق أقرب إلى الله من العبودية ولا حجاب أغلظ من الدعوى ولا ينفع مع الإعجاب والكبر عمل واجتهاد ولا يضر مع الذل والافتقار بطالة يعني بعد فعل الفرائض والقصد: أن هذه الذلة والكسرة الخاصة تدخله على الله وترميه على طريق المحبة فيفتح له منها باب لا يفتح له من غير هذه الطريق وإن كانت طرق سائر الأعمال والطاعات تفتح للعبد أبوابا من المحبة لكن الذي يفتح منها من طريق الذل والانكسار والافتقار وازدراء النفس ورؤيتها بعين الضعف والعجز (المرجع السابق)
نام کتاب : الأنوار النعمانية في الدعوة الربانية نویسنده : محمد علي محمد إمام جلد : 1 صفحه : 72