وجوب طاعته ونصرته -صلى الله عليه وآله وسلم.
بعد أن ذكرت معنى شهادة أن محمدًا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أود أن أشير إلى أمر مهم؛ لأنه ليس الهدف أو القصد أن ينطق العبد بأن محمدًا رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فحسب، أو أن يعتقد بنبوته ورسالته، ثم لا يقوم بعد ذلك بما أوجبه الله عليه تجاه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ولذلك أقول: طاعة الرسول -عليه الصلاة والسلام- واجبة بنص القرآن الكريم، والسنة النبوية، وإجماع الأمة.
وقد كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يستفيدون أحكام الشرع من القرآن الكريم الذي يتلقونه عن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- وكثيرا ما كانت تنزل الآيات القرآنية المجملة من غير تفصيل، أو مطلقة من غير تقييد، كالأمر بالصلاة مثلًا جاء مجملًا، لم يبين في القرآن عدد ركعاتها، ولا هيئاتها، ولا أوقاتها، وكالأمر بالزكاة جاء مطلقًا لم يقيد بالحد الأدنى الذي تجب فيه الزكاة، ولم تبين مقاديرها، ولا شروطها، وكثير من الأحكام التي لا يمكن تنفيذها دون الوقوف على شرح ما يتصل بها من شروط، وأركان، ومفسدات، فكان لا بد له من الرجوع إلى رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- لمعرفة الأحكام معرفة تفصيلية واضحة.
وقد أخبر الله في كتابه الكريم عن مهمة الرسول الكريم -صلى الله عليه وآله وسلم- بالنسبة للقرآن، وأنه مبين له، وموضح لمراميه وآياته، فقال تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} (النحل: من الآية: 44) فهذه الآية أسندت بيان القرآن لسنة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لأن الله لما قال: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ} أتبعه بقوله: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} فالذكر نزل من عند الله -عز وجل- وبيان هذا الذكر أسند أمره إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كما بين الله تعالى أن من مهمات النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إيضاح الحق حين يختلف فيه الناس، قال تعالى: {وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} (النحل: من الآية: 64)