من عصر إلى عصر، ومن مصر إلى مصر، أو إلى قرية أو إقليم أو قارة، وما إلى ذلك.
وقد ثبت أن عمر وعثمان -رضي الله عنهما- أعادَا بناءَ مسجد الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- وزادَا فيه كل حسبما وسعته القدرة، مع مراعاة ما استحدث من فنون العمارة، وفِقه هذا التطور للسعة في المسجد، وفي تغير مواد البناء في عهد عثمان -رضي الله عنه- يفيد أنه ينبغي للمسلمين ألا يتخلفوا في عمارة المساجد ومنشآتها، ع ما اتخذه المسلمون في بيوتهم ومنازلهم من مواد البناء، وفنون إقامتها، ووفائها بمهامها، واستحداث ما استحدث من أنواع الفرش دون سرف أو ترف، فإذا كانت المساجد اليوم تحتاج إلى فراش نظيف فلا بد منه، وإلى دورات مختلفة معدة مهيئة نظيفة، فهو أمر ضروري ومطلوب، وإن كان الناس اليوم يحرصون على أن يكيفوا بيوتهم، فبيوت الله -عز وجل- أولى بذلك.
والشاهد من كل هذا: أنه لا ينبغي على المسلمين أن يتخلفوا في إنشاء المساجد والاهتمام والعناية بها، عما يقيمونه لأنفسهم في حياتهم الدنيوية.
ويشير إلى تجميل المسجد وتنظيفه وتطهيره وتطيبه، قول الحق - تبارك وتعالى-: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (الأعراف: من الآية: 31) إذ في أمر هذا النص بأخذ الزينة عند الذهاب إلى المسجد، إشارة إلى تزيين المساجد وتنظيفها وتطيبها كذلك بما يتعارفه الناس.
ولقد كتب عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بعد الفتوحات الإسلامية في خلافته إلى كل من أبي موسى الأشعري والي البصرة، وسعد بن أبي وقاص والي الكوفة، وعمرو بن العاص والي مصر -رضي الله عنهم، يأمرهم أن يتخذوا مسجدًا للجماعة، كما يتخذوا مسجدًا للقبائل، فإذا كان يوم الجمعة انضم أهل مساجد القبائل إلى مسجد الجماعة، وكان صلاة الجمعة تُؤدى في المسجد الجامع.