والباطل، هذا الصراع الذي كان نتيجة لاختلاف البشر وتباين عقائدهم واختلاف مصالحهم، وحب كل منهم -إلا من رحم الله- للعلو في الأرض وتحصيل أكبر قد من الخير لنفسه ولو على حساب الآخرين، ورغبة كل منهم في إبعاد الشر عن نفسه ولو على رءوس الآخرين.
ولقد أرسل الله -سبحانه وتعالى- رسله إلى أهل الأرض مبشرين ومنذرين ومعلمين للناس طريق ربهم -تبارك وتعالى- ليعبدوا الله وحده دون سواه؛ وليقيموا العدل فيما بينهم، وقام الصراع بين حق وباطل: قام الصراع بين حق الرسل وأتباعهم، وباطل المكذبين ومن على شاكلتهم، وسيظل هكذا إلى قيام الساعة، كما قال رب العزة والجلال سبحانه: {وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} (هود: من الآية: 118، 119).
ولقد حارب البشر بعضهم بعضًا؛ لاستلاب أموالهم واحتلال أراضيهم واستعبادهم، ولقد وجدوا أنفسهم في مأزق خطير بعد اختراع آلات الدمار الحديثة؛ ولذلك فكر هؤلاء الشياطين في حروب أخرى يصلون من خلالها إلى مآربهم، في استلاب خيرات الآخرين وعلوهم عليهم، وكانت هذه الحرب الجديدة هي الحرب الإعلامية؛ وهذه الحرب تزداد أهميتها يومًا بعد يوم للأمور التالية:
أولًا: أنها أصبحت بديلًا لا مفر منه للحروب التقليدية القديمة، فلقد كانت الحروب الساخنة هي الملجأ الذي يلجأ الأقوياء إليه؛ لفرض أفكارهم وعقائدهم أو سلطانهم أو احتلال أراضي الآخرين وسلب الخيرات التي بين أيديهم، ولقد تصارع الأقوياء في الأرض فيما بينهم تسابقًا على الفريسة وتسلطًا على الآخرين، واليوم وجد الأقوياء من الدولة الغاشمة أنهم على شفا الهلاك إن استخدموا ما بأيديهم من السلاح الذري وغيره ضد بعضهم البعض، في سبيل