النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كما أشرت كان في غزوة الأحزاب وتكالبت عليه جموع الشرك، وكان بينه وبين بني قريظة عهدًا، ولكنهم نقضوه وخالفوه وتعاهدوا مع المشركين لكي يقضوا النبي الأمين -صلى الله عليه وآله وسلم- ويقضوا على الإسلام ويستأصلوا شأفة المسلمين. الله -عز وجل- نصر نبيه وأصحابه، وكانت العاقبة للتقوى وللمتقين، وبعد أن انتصر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- على جموع الشرك وولت فارَّة من المدينة النبوية، أوحى الله -عز وجل- إلى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يذهب إلى بني قريظة، فنادى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في الناس: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة)) فتسابق الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم أجمعين- في تنفيذ أمر النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وذهبوا إلى بني قريظة وحاصروهم، وأدرك بني قريظة أنهم لن يفلتوا من قبضة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فأرادوا أن يعقدوا بينه مرة أخرى صلحًا أو حكمًا وأن يكون صاحب هذا الحكم أو الذي يتفاوض بينهم وبين رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- هو سعد بن معاذ -رضي الله عنه.
سعد بن معاذ -رضي الله عنه- قد أصيب في هذه الغزوة في غزوة الأحزاب، والنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أمر أن يوضع في خيمة في مسجد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ليكون قريبًا منه، فيعوده -عليه الصلاة والسلام- من قريب. طلب اليهود، يهود بني قريظة أن يتفاوض معهم سعد بن معاذ -رضي الله تعالى عنه- فأرسل النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إلى سعد بن معاذ وبعث إليه، وأتي به وهو مطعون -رضي الله تعالى عنه- بطعنة جاءت فيه كان فيها وفاته -رضي الله تعالى عنه- أتي بسعد فحكم فيهم بحكم الله من فوق سبع سنوات، وذلك لما جاء، قال له النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((احكم فيهم، قال سعد: فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم وتقسم أموالهم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-: لقد حكمت فيهم بحكم الله -عز وجل)) وبالتالي يصبح هذا الموقف أيضًا من المواقف الجليلة العظيمة لهذا الصحابي الجليل -رضي الله تعالى عنه.
حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه-
أنتقل بعد ذلك إلى صحابي آخر من صحابة النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- هو حذيفة بن اليمان -رضي الله تعالى عنه- وسأتحدث عنه في نقاط كالتالي:
أ- التعريف به وذكر بعض مناقبه -رضي الله تعالى عنه-:
إنه هو حذيفة بن اليمان، واسم اليمان: حسل -ويقال: حسيل- ابن جابر العبسي اليمني أبو عبد الله -رضي الله عنه- إنه حذيفة بن اليمان من نجباء أصحاب محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- وهو صاحب السر، وكان والد حذيفة مكي من بني عبس وكان قد أصاب دمًا في