حديث وفد عبد القيس، الذي قال فيه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((أمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وأن تؤدوا خمس ما غنمتم)) قال شارح (الطحاوية) -رحمه الله تبارك وتعالى- بعد سوقه لهذا الحديث: ومعلوم أنه لم يرد أن هذه الأعمال تكون إيمانًا بالله، بدون إيمان بالقلب، بما قد أخبر في مواضع أنه لا بد من إيمان القلب؛ فعلم أن هذه مع إيمان القلب، هو الإيمان.
وأي: دليل على أن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان، فوق هذا الدليل، فإنه فسَّر -صلى الله عليه وسلم- الإيمان بالأعمال، ولم يذكر التصديق، للعلم بأن هذه الأعمال لا تفيد مع الجحود، وبهذا يتضح أن الإيمان عند السلف، أو حقيقة الإيمان عند السلف اعتقاد بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالجوارح والأركان. وقد أيدت ذلك خاصة فيما يتعلق بالعمل، وأنه من الإيمان، بأدلة من كتاب الله، وأدلة من هدي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم.
أركان الإيمان ستة: وقد جاءت مجتمعة في حديث جبريل -عليه السلام- لما سأل جبريل النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- عن الإيمان؟ فقال له النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-: ((الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره)) هذه هي أركان الإيمان، كما صح بها الخبر عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم.
الركن الأول من أركان الإيمان؛ الإيمان بالله
العنصر الثاني بعد ذلك في هذا اللقاء بعنوان: الركن الأول من أركان الإيمان: الإيمان بالله -تبارك وتعالى- ويشتمل هذا العنصر على النقاط التالية:
أ- الإيمان بربوبية الله -تبارك وتعالى- الإيمان بربوبية الله معناه: أن نعتقد أن الله وحده الخالق البارئ المصور الملك المدبر المصرف المحيي المميت، والرب في لغة العرب: هو المربي، المنشأ الموجد، والآيات التي تتحدث عن خلق الله، وبديع صنعه، وتصريفه لأمور الكون كثيرة جدًّا في كتاب الله، يذكر الله بها عباده ليزداد الذين آمنوا إيمانًا، ويوجه أنظار المشركين إليه وحده؛ لأنه المستحق لعبادته